الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

تجاوز الميقات بغير إحرام ثم أحرم من التنعيم جاهلاً بالحكم فماذا يلزمه ؟

الجواب
العمرة صحيحة؛ ولأنك أتيت بأركانها أحرمت وطفت وسعيت وقمت بالتقصير أيضاً أو الحلق؛ لكن عليك فدية؛ لأنك تركت واجباً، وهو الإحرام من الميقات، فالواجب عليك حين قدمت أن تحرم من الميقات الذي تمر به فلتركك هذا الواجب أوجب العلماء عليك فدية تذبحها في مكة وتوزعها على الفقراء هناك. وتوجيهنا لمن يفتي بغير علم أنه يحرم على الإنسان أن يسارع في الفتيا بغير علم لقول الله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾[الأعراف: 33]، ولقول الله تبارك
وتعالى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾[الأنعام: 144]، ولقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾[الإسراء: 36]، وربما يدخل هذا في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : «من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» وفي الأثر «أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار» وكان السلف- رحمهم الله - يتدافعون الفتيا كل منهم يحيلها على الآخر، ولكن الذي يظهر لي أن هذا السائل لم يفته أحد من العلماء، لكنها فتوى مجالس من العامة، أي قاله كل واحد منهم أظن أن عليك كذا ومع ذلك فإننا لا نعذره؛ لأن الواجب عليه أن يسأل أهل العلم الذين هم أهل للإفتاء، لكنني أحذر صغار الطلبة الذين يسرعون في الإفتاء فتجد الواحد منهم يعرف دليلاً في مسألة وقد يكون هذا الدليل عاما مخصوصاً، أو مطلقاً مقيداً، أو منسوخاً غير محكم، فيتسرع في الفتيا على ضوئه دون أن يراجع بقية الأدلة، وهذا غلط محض يحصل به إضلال المسلمين عن دينهم، ويحصل به البلبلة والإشكال حتى فيما يقوله العلماء الذين يفتون عن علم؛ لأن هذا الإفتاء الذي حصل لهم بغير علم والذي فيه مخالفة الحق ربما يضعه الشيطان في قلوبهم موضع القبول، فيحصل بذلك عندهم التباس وشك، لهذا نقول لإخواننا: إياكم والتسرع في الفتيا واحمدوا ربكم أنه ألزمكم أن لا تقولوا بشيء إلا عن علم أو عن بحث تصلونا فيه على الأقل إلى غلبت في الظن، وكم من مفسدة حصلت بالإفتاء بغير علم، فربما يحصل بذلك إفطار في صوم، أو قضاء صوم غير واجب، أو ربما تصل إلى حد أبلغ وأكبر مما ذكر، ويرد علينا أمور كثيرة في هذا الباب والله المستعان.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(21/365)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟