الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

بيان معنى الحروف المقطعة في أوائل السور

الجواب

هذه الآيات هي الحروف الهجائية ابتدأ الله تعالى بها في بعض السور واختلف العلماء في ذلك، فمنهم من قال: إنها أسماء لهذه السور ، ومنهم من قال:إنها رموز و إشارات إلى أسماء الله عز وجل، ومنهم من قال: إنها أو إن بعضها إشارات إلى حوادث ستقع، ومنهم من قال: الله أعلم بما أراد بها، ومنهم من قال: إنها حروف هجائية ليس لها معنى، ولكن لها مغزى قالوا ليس لها معنى؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: في هذا القرآن الكريم : ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾[الشعراء: 193 - 195]، وفي آية أخرى يقول: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾[الزخرف: 3]، وهذه الحروف الهجائية باللسان العربي ليس لها معنى وعلى هذا فنقول: هذه الحروف الهجائية لا معنى لها ولكن لها مغزى وحكمة عظيمة هذه الحكمة هي بيان أن هذا القرآن العظيم المجيد الذي أعجز أمراء الفصاحة والبلاغة أن يأتوا بمثله بل قال الله تعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾[الإسراء: 88] هذا القرآن الذي أعجز الثقلين أن يأتوا بمثله هو من هذه الحروف التي يركب هؤلاء القوم كلامهم منها ومع ذلك عجزوا أن يأتوا بمثل هذا القرآن عجزوا أن يأتوا بمثل هذا القرآن الذي هو من هذه الحروف ولهذا لا تكاد تجد سورة مبدوءة بهذه الحروف الهجائية إلا وجدت بعدها ذكراً للقرآن ﴿الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾[البقرة: 1 - 2].
﴿الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ﴾[آل عمران: 1 - 3]، ﴿المص * كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ﴾[الأعراف: 1 - 2]، ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾[يونس: 1] ، وهكذا وأما قوله تعالى: ﴿الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾[العنكبوت: 1 - 3]، وقوله: ﴿الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾[الروم: 1 - 3]، فهذه وإن لم يكن فيها ذكر للقرآن لكن فيها ذكر لأخبار صادقة لا يعلمها النبي- صلى الله عليه وسلم- من قبل أن يوحى إليه هذا القرآن وأخبار مستقبلة لا يعلم بها إلا الله عز وجل ومن أطلعه الله عليها في قوله: ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾[الروم: 2، 3] فإن أحداً لا يعلم أن الروم الذين غلبوا سيغلبون في بضع سنين إلا الله عز وجل وأما قوله تعالى: ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾[القلم: 1- 2]، فإن فيها إشارة إلى القرآن حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم- الذي أوحي إليه هذا القرآن وصف ونعت بهذه النعوت الجليلة بل قد يقال إن فيه إشارة أيضاً: ﴿وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾[القلم: 1] فإن القرآن كما يحفظ في الصدور يكتب بالأقلام أيضاً.

المصدر:

الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب


هل انتفعت بهذه الإجابة؟