الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

الجمع بين قول السلف في المعية وقول ابن تيمية

الجواب
الواقع أنه لا منافاة بين القولين؛ لأن السلف فسروها بلازمها، فإن من لازم المعية أن يكون عالماً بالخلق، سامعاً لهم، مبصراً لهم، له السلطان عليهم، كل ما تتضمنه الربوبية داخل في قوله: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾[الحديد:4] وتفسير الكلام باللازم لا بأس به، لا سيما وأنه فيما سبق كان قد فشا مذهب الجهمية الحلولية، الذين يقولون: إن الله معنا بذاته فيما كان في الأرض، ولهذا قال عبد الله بن المبارك: «ولا نقول: إنه هاهنا في الأرض» .
أي: كما تقول الجهمية، ومن المعلوم أن عامة الناس لا يتصورون معنى المعية حقيقة مع علو الله عز وجل، فكان أقرب ما يكون لأفهامهم أن يقال أنها هي العلم، وكذلك السمع والبصر وما أشبه ذلك، والتفسير باللازم لا بأس به.
فالعامة لا يعرفون، وكما قلت لك أنه شاع مذهب الجهمية هناك، لو قلت -مثلاً- للعامة الذين شاع عندهم مذهب الجهمية: أن الله بذاته في الأرض، وقلت: معنا حقاً ماذا سيفهم؟ يفهم أنه في الأرض، لكن لو قلت معنا يعني: يعلمنا؛ والذي يعلمك كأنه معك، يسمعنا؛ والذي يسمعك كأنه معك، ويبصرنا؛ والذي يبصرك كأنه معك، فلهذا فسروها باللازم، وإلا فقد احتج الأشاعرة وغيرهم من المعطلة على أهل السنة قالوا: كيف تقولوا وهو معكم تقولوا وهو يعلمكم؟ بل هو معنا وهو في السماء ولا مانع؛ لأن الله تعالى محيط بكل شيء بالسماوات السبع والأرضين السبع، كلها في كف الرحمن كأنها خردلة في كف أحدنا، ولا مانع أن يكون الشيء معك وهو في السماء، وقد ضرب شيخ الإسلام رحمه الله مثلاً لذلك في العقيدة الواسطية، وفي الفتوى الحموية بأن العرب يقولون: ما زلنا نسير والقمر معنا، أو ما زلنا نسير والنجم الفلاني معنا، ومعلوم أن القمر في السماء وكذلك النجم، فهذه عبارة عربية معروفة.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من لقاءات الباب المفتوح، لقاء رقم(65)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟