السبت 19 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 25-03-2020

أنفق على ابنته في زواجها وتكفل بمصاريف دراسة ابنه في الخارج فهل يلزمه أن يقتص جزءا مماثلا من ماله لأولاده الآخرين؟

السؤال
الفتوى رقم(17813)
أود إشعاركم بأنني رجل متزوج، ولي ثلاثة أبناء ذكور وابنة واحدة، وقد أنفقت حوالي نصف مليون ريال كمصاريف لحفل زفاف ابنتي الوحيدة، وما تحتاجه من ملابس ومجوهرات ومستلزمات أخرى، كما أن ابني الكبير يدرس على حسابي الخاص في إحدى الجامعات بالولايات المتحدة الأمريكية ويكلفني ذلك سنويا مبلغا وقدره (150000) مائة وخمسون ألف ريال سعودي، وأود أن أستفتي سماحتكم:
هل ما أنفقته من مال في سبيل زواج ابنتي، وما أنفقه على ابني الكبير لاستكمال دراسته في أمريكا يعتبر من قبيل النفقة المعتادة التي يتحملها الأب، أم يعتبر ذلك من قبيل الهدية أو العطية التي ينبغي أن يساوي الأب فيها بين جميع الأبناء؟ بحيث يتعين علي أن اقتطع جزءا مماثلا من مالي لأبنائي الآخرين الذين لم أصرف عليهم ما صرفته من مال على زواج أختهم ودراسة أخيهم الكبير.
وإذا كان ما سلف يعتبر من قبيل الهدية أو العطية، فهل تجب المساواة في ذلك بين الذكور والإناث، أم ينبغي أن يكون للذكر مثل حظ الأنثيين؛ وفقا للقاعدة الشرعية في الميراث؟
الجواب
أولاً: يجب عليك العدل في عطيتك لأولادك؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- : «اتقوا الله واعدلوا في أولادكم» فتعدل فيما تهديه وتمنحه لهم، وفيما تساعدهم به كالزواج وغيره. لكن إن احتاج أحد أولادك للنفقة عليه -لفقره- دون غيره وجبت عليك نفقته، ولا يضرك في هذا عدم إعطاء الغني مثله؛ لأن باب النفقة غير باب العطية.
ثانيًا: أما الإنفاق على ولدك في الخارج فإن الدراسة في ديار الكفر لا تحل إلا للحاجة؛ لما في الذهاب لديارهم من كثرة التعرض للفتن والمحن والمنكرات المؤثرة على الدين والخلق، لكن إن اضطر ابنك للدراسة في الخارج، وكان مما يغلب على الظن تمسكه في دينه وعقله أمام هذه الشرور فلا حرج في إرساله والنفقة عليه.
ثالثًا: أما إنفاقك على زواج ابنتك نصف مليون ريال فهذا من الإسراف المنهي عنه، ويخشى عليك بذلك من العقوبة، إلا أن تتوب إلى الله -تعالى- وتترك هذا السرف، فإن المال مال الله تعالى، والخلق مستخلفون فيه؛ يدل لذلك قوله تعالى: ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾[النور: 33] وقوله: ﴿وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾[الحديد: 7] أي: جعلكم خلفاء في التصرف فيه، مع مراعاة الحدود الشرعية في ذلك. وقد ضبط الشرع المطهر تصرفاتنا في هذا المال، فنهى عن الإسراف والتبذير، قال تعالى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا * وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا * وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾[الإسراء: 26- 29] وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾[الفرقان: 67] .
والمعنى: لم يسرفوا بمجاوزة حد الكرم والإنفاق في المعاصي، ولم يقتروا بالتضييق في الإنفاق تضييق الشحيح، وكان بين ذلك، أي: بين ما ذكر من الإسراف والقتر: قواما، أي: وسطا وعدلا.
رابعًا: أما التسوية بين الذكور والإناث في العطية فإن الواجب قسمتها حسب الفريضة الشرعية في الميراث، فإنها تمام العدل، فتعطي الذكر مثل حظ الأنثيين.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(16/219- 222)
بكر أبو زيد ... عضو
عبد العزيز آل الشيخ ... عضو
صالح الفوزان ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟