الجواب
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين: لا يخفى علينا جميعاً أن الله تعالى قال في كتابه العظيم: ﴿إِنَّ هَاذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾[الأنبياء: 92]. وفي الآية الثانية: ﴿وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾[المؤمنون: 52]. ولا يخفى علينا جميعاً أن من مقاصد الشريعة الإسلامية الاجتماع وعدم التفرق، والائتلاف وعدم الاختلاف، وهذا أمر لا يحتاج إلى أدلة لوضوحه، ومن المعلوم أن المجتهد من هذه الأمة لا يخلو من أجر، أو أجرين، فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر، ولا يخفى أن مسائل الاجتهاد لا إنكار فيها إذا كان الاجتهاد فيها سائغاً، ومثل هذه المسألة التي ذكرها السائل من مسائل الاجتهاد، إذ تعارض فيها أصلان:
أحدهما: الاقتداء بأمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ، لأنه من الخلفاء الراشدين الذين لهم سنة متبعة، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة- رضي الله عنهم - فيما نعلم.
والأصل الثاني: أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - إنما فعل ذلك لعلة غير موجودة في مصلى المركز الذي أشار إليه السائل.
فقد تنازعها أصلان، وحينئذ نقول: إن القول قول أمير هؤلاء الإخوة، لقوله تعالى: ﴿أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾[النساء: 59]. فما قاله الأمير في هذه المسألة يجب أن يتبع، ولا يجوز الاختلاف في هذا، فإذا قال الأمير: يؤذن فليؤذن، وإذا قال لا يؤذن فلا يؤذن، والأمر والحمد لله واسع؛ لأن هذا الأذان لم يقل أحد من الناس إنه واجب، لكن الفرقة بين المسلمين لا يقول أحد إنها غير حرام، فإذا كان يتعارض ترك سنة أو وقوع في محرم فلا شك أن ترك السنة أهون من الوقوع في المحرم.
هذا ما أراه في هذه المسألة، ثم إني أنصح إخواني في (....) وغيرها من التفرق من أجل هذا النزاع، وأشكرهم إذ وكلوا الأمر إلى عالم يتحاكمون إليه، ليأخذوا برأيه، فإن هذا من علامات التوفيق، كما قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾[النساء: 83]، فجزاهم الله خيراً على هذا التحكيم، وأسأل الله تعالى أن يوفقهم للعمل به. 20/5/8141 هـ .