الجواب
الأصل أن المسافر بالفعل هو الذي يرخص له في قصر الرباعية؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ الآية [النساء: 101]، ولقول: «يعلى بن أمية: قلت لعمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - : فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: هي صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته» رواه مسلم. ويعتبر في حكم المسافر بالفعل من أقام أربعة أيام بلياليها فأقل، لما ثبت من حديث جابر وابن عباس - رضي الله عنهم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قدم مكة لصبح رابعة من ذي الحجة في حجة الوداع، فأقام - صلى الله عليه وسلم- اليوم الرابع والخامس والسادس والسابع، وصلى الفجر بالأبطح اليوم الثامن، فكان يقصر الصلاة في هذه الأيام، وقد أجمع النية على إقامتها كما هو معلوم، فكل من كان مسافرًا ونوى أن يقيم مدة مثل المدة التي أقامها النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أقل منها قصر الصلاة، ومن نوى الإقامة أكثر من ذلك أتم الصلاة؛ لأنه ليس في حكم المسافر.
أما من أقام في سفره أكثر من أربعة أيام ولم يجمع النية على الإقامة، بل عزم على أنه متى قضيت حاجته رجع؛ كمن يقيم بمكان الجهاد للعدو، أو حبسه سلطان أو مرض مثلا، وفي نيته أنه إذا انتهى من جهاده بنصر أو صلح أو تخلص مما حبسه من مرض أو قوة عدو أو سلطان أو وجود آبق أو بيع بضاعة أو نحو ذلك - فإنه يعتبر مسافرًا، وله قصر الصلاة الرباعية، ولو طالت المدة؛ لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه أقام بمكة عام الفتح تسعة عشر يومًا يقصر الصلاة، وأقام بتبوك عشرين يوما لجهاد النصارى، وهو يصلي بأصحابه صلاة قصر، لكونه لم يجمع نية الإقامة بل كان على نية السفر إذا قضيت حاجته.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.