الجواب
نعم، سينزل نبي الله عيسى ابن مريم آخر الزمان ويحكم بين الناس بالعدل متبعا في ذلك شريعة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام وسيؤمن به أهل الكتاب اليهود والنصارى جميعا قبل موته بعد أن ينزل آخر الزمان قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾[النساء: 159]
فأخبر تعالى بأن جميع أهل الكتاب اليهود والنصارى سوف يؤمنون بعيسى ابن مريم -عليه السلام- قبل موته -أي موت عيسى- وذلك عند نزوله آخر الزمان حكما عدلا داعيا إلى الإسلام، كما سيجيء بيانه في الحديث الدال على نزوله، وهذا المعنى هو المتعين، فإن الكلام سيق لبيان موقف اليهود من عيسى وصنيعهم معه عليه الصلاة والسلام، ولبيان سنة الله في إنجائه ورد كيد أعدائه فيتعين رجوع الضميرين المجرورين إلى عيسى -عليه السلام- رعاية لسياق الكلام وتوحيدا لمرجع الضميرين، وثبت في أحاديث كثيرة صحيحة من طرق متعددة بلغت مبلغ التواتر أن الله تعالى رفع عيسى إلى السماء وأنه سينزل آخر الزمان حكما عدلا وأنه سيقتل المسيح الدجال قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن ذكر أحاديث رفع عيسى -عليه السلام- ونزوله آخر الزمان من طرق كثيرة (فهذه أحاديث متواترة عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- من رواية أبي هريرة وابن مسعود وعثمان بن أبي العاص وأبي أمامة والنواس بن سمعان وعبد الله بن عمرو بن العاص ومجمع بن جارية وحذيفة بن أسيد -رضي الله عنهم- ، وفيها دلالة على صفة نزوله ومكانه إلخ) ا هـ .
ومن هذه الأحاديث ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال «والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد قال أبو هريرة اقرؤوا إن شئتم: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾ الآية[النساء: 159]
، وفي رواية عنه: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: «كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم»، وثبت في الصحيح أيضا: أن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- سمع النبي-صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى ابن مريم -عليه السلام- فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة» فدلت الأحاديث على نزوله آخر الزمان، وعلى أنه يحكم بشريعة نبينا محمد-صلى الله عليه وسلم- ، وعلى أن إمام هذه الأمة في الصلاة وغيرها أيام نزوله من هذه الأمة لا مجال فيها للشك، وليس هناك منافاة بين نزوله وبين ختم النبوة بنبينا محمد-صلى الله عليه وسلم- حيث لم يأت عيسى -عليه السلام- بشريعة جديدة، ولله الحكم أولا وآخرا يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، لا معقب لحكمه وهو العزيز الحكيم.