الجواب
1 - إذا كان الواقع كما ذكر فإن الزكاة لا تجب في مال مورثكم في السنتين اللتين لم تقسم فيهما التركة؛ لعدم تمكن كل واحد من حيازة نصيبه لأسباب خارجة عن إرادة الورثة، وبعد بعض الورثة وتفرقهم، مما كان سببا في تأخر قسمة التركة كما ذكر، فصار نصيب كل وارث في حكم المال غير المستقر، ومن شروط وجوب الزكاة: استقرار الملك، فإذا قبض كل وارث نصيبه من مورثه وحال عليه الحول وبلغ نصابا فإنه يجب أن يخرج زكاته ربع العشر.
2- من وجبت عليه الزكاة حرم عليه أن يماطل في دفعها أو تأخيرها، بل عليه المبادرة بدفعها لمستحقيها، ولا تبرأ ذمته إلا بذلك، وإذا تمكن الورثة من قسمة التركة ولم يحل بينهم وبين ذلك أسباب خارجة عن إرادتهم وإنما أخروا قسمتها تكاسلاً أو تهاونا فإنه إذا حال الحول على التركة من حين تمكنهم من قسمتها وجب على كل وارث أن يزكي نصيبه إذا بلغ نصابا، ويحرم عليه تأخير دفعها عن وقت وجوبها، ولا إثم على مورثكم في تأخر الورثة أو بعضهم من دفع زكاة نصيبه إذا كان زكى أمواله في حياته؛ لأن جميع ما يخلفه الميت من مال وعقار وغيرهما تنتقل ملكيته للورثة بمجرد موته، وجميع الأحكام المتعلقة بهذا المال من زكاة ونحوها تتعلق بذمم الورثة لا الميت.
3- وأما الديون التي لمورثكم في ذمم الآخرين فإن كان من عليه الدين عاجزا عن التسديد فالأحوط للورثة إذا اقتضوها منهم أن يزكوها لعام واحد، ولا يجوز للورثة أن يسقطوها عن الغرماء، ويعتبروها من الزكاة؛ لأن في ذلك حماية لمالهم بمالهم، ولأن الزكاة أخذ وعطاء، وإن كان من عليه الدين من أهل الزكاة الذين يجوز صرف الزكاة إليهم جاز للورثة أن يدفعوا لهم من زكاة وصدقات أموالهم لقضاء ديونهم، ولهم الأجر والثواب على ذلك إن شاء الله.
4- أما شراء عقار ونحوه من مال الزكاة ليصرف ريعه على الفقراء والمحتاجين، فلا يجوز ذلك؛ لأن الزكاة الواجبة في المال حق للفقراء والمساكين ونحوهم من أهل الزكاة، يجب دفعها إليهم فورًا كما أمر الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وفي شراء عقار ونحوه من مال الزكاة منع لهم من حقهم الواجب دفعه إليهم، وتفويت للمصلحة والحكمة التي بنيت عليها الزكاة ولم يفعله الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولا صحابته من بعده، ولا أصل لذلك من الشرع يعتمد عليه، فعلى كل مسلم ومسلمة اتباع ما أمر الله به ورسوله، ففي ذلك الخير كله، وأن لا يبتدع في دين الله ما ليس منه.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.