الجواب
أولاً: ليس من شروط صحة صلاة العيد أن يصليها أهل البلد في مكان واحد، لكن الخير والأفضل أن يصلوها في مكان واحد في الصحراء، إن تيسر ذلك لهم، فإن شق عليهم صلاتها في الصحراء في مكان واحد؛ كبعد أطراف البلد واتساعه جاز لهم أن يصلوها في مكانين فأكثر في الصحراء على ما يتيسر لهم، ولا يشق عليهم. وإن شق عليهم صلاتها في الفضاء لمطر ونحوه صلوها في مسجد إن وسعهم ولم يشق عليهم، وإلا صلوها في مساجد، كل جماعة منهم في المسجد الذي يتيسر لهم صلاتها فيه.
ثانياً: في حالة تعدد مكان صلاة العيد في الصحراء، أو المساجد يجوز أن يتقدم جماعة من أهل البلد بصلاة العيد، وأن ينتهوا منها قبل الجماعة الأخرى، على أن تقع صلاة الجميع فيما بين ارتفاع الشمس بعد طلوعها قيد رمح، وبين زوالها عند دخول وقت الظهر، أي من وقت حل النافلة إلى استواء الشمس في السماء قبيل وقت صلاة الظهر.
السؤال: هل تجوز الصلاة في قاعة أقيمت للرقص شبه العاري، وحفلات الخمر والرهان، رغم وجود مسجد في المدينة ؟
تبين في جواب السؤال الأول أن السنة في صلاة العيد أن تؤدى في الصحراء إن تيسر ذلك، وإلا صليت في المسجد أو المساجد، وعلى هذا لا يجوز إقامتها في قاعة لهو مع وجود مسجد أو مساجد؛ لأنها ليست بمسجد ولا صحراء، ولأنها أنشئت للهو وشرب الخمر ونحوهما، مما يغضب الله ولا تزال كذلك، ولم تؤسس على تقوى الله تعالى، بل أسست لحرب الله ومعصيته، فأشبهت مسجد الضرار الذي نهى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يقوم فيه في قوله سبحانه: ﴿لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا﴾[التوبة: 108] الآية، ولأن إقامتها فيها مع بقاء استعمالها فيما أنشئت من أجله يذهب بوقار الصلاة، والخشوع فيها، ولشعور المصلي بأنه في مكان عبادة، ولأن استئجار هذه القاعة مع إمكان الاستغناء عنها بالصلاة في المساجد أو الصحراء فيه إسراف وإعانة لأهل الشر والفساد على شرهم.
السؤال: هل تنظيف هذه الأماكن وكنسها يزيل عنها النجاستين الحسية والمعنوية ؟ فإن جازت الصلاة فيها أذلك يعني أن الضرورات تبيح المحظورات ؟
إن كان تنظيفها بصب ماء طهور عليها حتى زالت النجاسة طهرت بذلك، وإن كان بمجرد كنسها فلا تطهر به إلا إذا كانت النجاسة مجرد تراب أو حصى جاف لم يعلق بالأرض شيء من نجاسته، فيطهر بالكنس، لكنك ذكرت في مقدمة كتابك أن المصلين بالقاعة يفرشون فرشا طاهرة فوق الأرض بعد كنسها، فهم إذن يصلون على الفرش الطاهرة لا على نجاسة، والمنع من الصلاة فيها إنما هو من أجل ما تقدم في الجواب على السؤال الثاني، لا لنجاسة ما صلوا عليه، وعلى ذلك لا يقال إنه من باب أن الضرورات تبيح المحظورات.
السؤال: وإن جازت فأيهما أثوب الصلاة فيها دفعة واحدة، أم الصلاة في المسجد على دفعتين ؟
تقدم أن الصلاة في هذه القاعة وأمثالها لا تجوز إلا عند الضرورة؛ وعلى هذا لا يفاضل بينها وبين الصلاة في الصحراء أو المسجد.
أما صلاة العيد على دفعتين في المسجد فلا تجوز، ويمكن الخروج من ذلك بصلاة العيدين في الصحراء إن تيسر، وإلا فببناء دور ثان مثلاً على المسجد، أو توسيعه أو بناء مسجد آخر أوسع منه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.