الجواب
الخوف من الله من أفضل مقامات الدين وأجلها وهو من أجمع أنواع العبادة التي أمر الله سبحانه بإخلاصها له، قال تعالى: ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[آل عمرن: 175] ووعد سبحانه من حقق مقام الخوف منه بجنتين، فقال تعالى: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾[الرحمن: 46] وأثنى على الملائكة بأنهم يخافون ربهم من فوقهم، فقال تعالى: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾[النحل: 50] وغير ذلك من الآيات في القرآن كثيرة.
وقد ذكر الشيخ عبد الرحمن بن حسن في كتابه [فتح المجيد] أن الخوف ثلاثة أقسام:
أحدها: خوف السر: وهو أن يخاف من غير الله من وثن أو طاغوت أن يصيبه بما يكره، كما قال تعالى عن قوم هود -عليه السلام- إنهم قالوا له: ﴿إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ﴾[هود: 54- 55] وقال تعالى: ﴿وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾[الزمر: 36] وهذا هو الواقع من عباد القبور ونحوها من الأوثان يخافونها ويخوفون بها أهل التوحيد إذا أنكروا عبادتها وأمروا بإخلاص العبادة لله، وهذا ينافي التوحيد.
الثاني: أن يترك الإنسان ما يجب عليه خوفا من بعض الناس فهذا محرم، وهو نوع من الشرك بالله المنافي لكمال التوحيد، وهذا هو سبب نزول هذه الآية: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[آل عمرن: 174- 175]
الثالث: الخوف الطبيعي: وهو الخوف من عدو أو سبع أو غير ذلك فهذا لا يذم، كما قال تعالى في قصة موسى -عليه السلام-: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾[القصص: 21] الآية.
من هذا يظهر أن خوفك من المراقب من النوع الثالث (الخوف الطبيعي)، فعليك بإخلاص العمل دائما سواء حضر المراقب أو لم يحضر، وأن تضاعف جهودك في تعليم الطلاب ما ينفعهم وتقوي إيمانهم بكثرة قراءة القرآن وتدبره والعمل به وأداء الصلاة في وقتها وغير ذلك من شرائع الإسلام. نسأل الله لنا ولك الثبات والتوفيق للعمل الصالح.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.