الأحد 30 جمادى الأولى 1446 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

ما الحكم إذا نسي الخطيب خطبة الجمعة الثانية ؟

السؤال

فتوى رقم(2741)
أستفتي في الإمام بالمسجد الجامع ينسى الخطبة الثانية يوم الجمعة ولا يذكره أحد من المأمومين ولم يذكرها بنفسه حتى انتشروا من المسجد، وفي الجمعة الثانية ذكرها، فماذا يفعل هذا الإمام ؟ أو ما عليه ؟
2 - في حديثين عن نزول سيدنا عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يقول «ليهبطن الله عيسى ابن مريم حكما عدلا»، وكذلك كعب الأحبار يقول قال- صلى الله عليه وسلم - «كيف تهلك أمة أنا في أولها وعيسى في آخرها» ؟ وعن عمارة بن غزية عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، أن فاطمة بنت حسين بن علي حدثته أن فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قالت «دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يوما وأنا عند عائشة وناجاني فبكيت ثم ناجاني فضحكت فسألتني عائشة عن ذلك، فقلت لقد عجلت، أخبرك بسر رسول الله ؟ فتركتني، فلما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم - سألتها عائشة، فقالت (نعم، ناجاني فقال جبريل كان يعارض القرآن كل عام مرة وإنه قد عارض القرآن مرتين وإنه ليس من نبي إلا عمر نصف عمر الذي كان قبله، وإن عيسى أخي كان عمره عشرين ومائة سنة، وهذه لي ستون، وأحسبني ميتا في عامي هذا»، أفتنا يا سماحة الشيخ في هذا الحديث المشكل بينه لنا، فهل كل هذه أحاديث النبي- صلى الله عليه وسلم - ، وهل نزل سيدنا عيسى كما يزعم الأحمديون أم لا ؟

الجواب

أولاً: جمهور العلماء على أن الخطبة شرط في صحة صلاة الجمعة؛ لقوله تعالى ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾[الجمعة: 9] قالوا: والمراد بالذكر هنا الخطبة، فكانت واجبة للأمر بالسعي لها، ولأن النبي- صلى الله عليه وسلم - داوم عليها مقترنة بصلاة الجمعة، وقد قال- صلى الله عليه وسلم - : «صلوا كما رأيتموني أصلي» فوجب قرنها بالجمعة، كما قرنها بها- صلى الله عليه وسلم - .
وقال جماعة: إن الخطبة ليست شرط صحة في الجمعة، منهم الحسن وابن الماجشون؛ لأنها ليست المرادة بالذكر في الآية وليست صلاة فلم تكن مأمورا بها في الآية ولا في الحديث، وإنما هي من فعله -صلى الله عليه وسلم - داوم عليه فكانت سنة لا تبطل الجمعة بتركها.
ومن قالوا بوجوب الخطبة منهم من لم يوجب الخطبة الثانية؛ كمالك والأوزاعي وإسحاق وأبي ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي، فيجزئ عندهم خطبة واحدة، وإذا كانت الخطبة مختلفا في أصلها وكان الخلاف في الثانية قويًا فصلاتكم الجمعة مع نسيان الخطبة الثانية صحيحة إن شاء الله في رأي كثير من أئمة الفقهاء، ولكن يجب على المأموم تنبيه الخطيب إذا ترك الخطبة الثانية في الحال قبل إقامة الصلاة؛ لأن من علم السنة لا يتركها إلا نسيانا غالبًا.
ثانيًا: ثبت عن عروة عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: «دعا النبي- صلى الله عليه وسلم - فاطمة -رضي الله عنها- في شكواه التي قبض فيها فسارها بشيء فبكت، ثم دعاها فسارها بشيء فضحكت فسألناها عن ذلك، فقالت: سارني النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه فبكيت ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت» رواه البخاري ومسلم وثبت عن مسروق عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: «أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي النبي- صلى الله عليه وسلم - ، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم - : مرحبا بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم أسر إليها حديثا فبكت، فقلت لها: لم تبكين ؟ ثم أسر إليها حديثا فضحكت، فقلت: ما رأيت فرحا أقرب من حزن، فسألتها عما قال لها، فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم - حتى قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فسألتها فقالت: أسر إلي: أن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحاقا بي، فبكيت، فقال: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين، فضحكت لذلك». رواه البخاري ومسلم وعن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: «ما رأيت أحدا أشبه دلا ولا هديا برسول الله -صلى الله عليه وسلم - في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ، قالت: وكانت إذا دخلت على النبي- صلى الله عليه وسلم - قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبي- صلى الله عليه وسلم - إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها، فلما مرض النبي- صلى الله عليه وسلم - دخلت فاطمة فأكبت عليه فقبلته ثم رفعت رأسها فبكت، ثم أكبت عليه ثم رفعت رأسها فضحكت، فقلت: إن كنت لأظن أن هذه من أعقل نسائنا فإذا هي من النساء، فلما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قلت لها: أرأيت حين أكببت على النبي- صلى الله عليه وسلم - فرفعت رأسك فبكيت ثم أكببت عليه فرفعت رأسك فضحكت ما حملك على ذلك ؟ قالت: إني إذا لبذرة أخبرني أنه ميت من وجعه هذا فبكيت، ثم أخبرني أني أسرع أهله لحوقا به فذاك حين ضحكت» رواه الترمذي وغيره وهناك أحاديث أخرى في مرض النبي- صلى الله عليه وسلم - رويت من طرق عن عائشة وغيرها من الصحابة - رضي الله عنهم - .
وأما الحديث الذي ذكرته عن عمارة بن غزية عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن أمه فاطمة بنت حسين بن علي، عن فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- فغير صحيح؛ لأن رواية فاطمة بنت حسين عن جدتها فاطمة الزهراء مرسلة، ولأن محمد بن عبد الله بن عمرو مختلف في توثيقه وتضعيفه، وقد ذكر الهيثمي في مجمع الزوائد عن عائشة أنها كانت تقول: «إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي مات فيه قال لفاطمة: إن جبريل عليه الصلاة والسلام كان يعارضه بالقرآن في كل عام مرة، وإنه عارضني بالقرآن العام مرتين، وأخبرني أنه أخبره أنه لم يكن نبي إلا عاش نصف عمر الذي قبله، وأخبرني أن عيسى ابن مريم عاش عشرين ومائة سنة، ولا أراني إلا ذاهبا على رأس الستين فبكاني ذلك». الحديث، ثم قال الهيثمي: رواه الطبراني بإسناد ضعيف، وروى البزار بعضه أيضا وفي رجاله ضعف.
وبهذا يزول الإشكال؛ لأن الزيادة المتعلقة بعمر عيسى وعمر محمد عليهما الصلاة والسلام مردودة.
ثالثًا: رفع عيسى ابن مريم إلى السماء حيا ببدنه وروحه وسينزل آخر الزمان ويكون حكما عدلا ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير... إلخ ما دلت عليه الأحاديث، ولكنه لم ينزل حتى الآن، وما زعمه القاديانيون الأحمديون في عيسى -عليه السلام- كذب وبهتان.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

المصدر:

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(3/323-328)
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب رئيس اللجنة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس


هل انتفعت بهذه الإجابة؟