الجواب
المولود وهو متخلفٌ عقلياً حكمه حكم المجنون ليس عليه تكليف، فلا يحاسب يوم القيامة، ولكنه إذا كان من أبوين مسلمين أو أحدهما مسلم فإن له حكم الوالد المسلم، أي: إن هذا الطفل يكون مسلماً فيدخل الجنة، وأما إذا كان من أبوين كافرين: فإن أرجح الأقوال أنه يمتحن يوم القيامة بما أراد الله -عز وجل- ، فإن أجاب وامتثل أدخل الجنة، وإن عصى أدخل النار. هذا هو القول الراجح في هؤلاء، وهو- أي: هذا القول- منطبق على من لم تبلغهم دعوة الرسول- صلى الله عليه وسلم- ، كأناسٍ في أماكن بعيدة عن بلاد الإسلام، ولا يسمعون عن الإسلام شيئاً، فهؤلاء إذا كان يوم القيامة امتحنهم الله -سبحانه وتعالى- بما شاء، فمن أطاع منهم دخل الجنة، ومن عصى دخل النار. قد يقول قائل: كيف يمتحنون وهم في دار الجزاء، وليسوا في دار التكليف؟
فجوابنا على هذا:
أولاً: أن الله -سبحانه وتعالى- يفعل ما يشاء، فله أن يكلف عباده في الآخرة كما كلفهم في الدنيا، ولسنا نحن نحجر على الله -عز وجل-.
ثانياً: أن التكليف في الآخرة ثابت بنص القرآن، كما قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ﴾[القلم: 42- 43]. فدل هذا على أن التكليف قد يقع في الآخرة.
إذاً هذا الذي ولد متخلفاً عقلياً فحكمه حكم المجانين، وليس عليه تكليف، وحكمه حكم أبويه إن كانا كافرين، وإن كانا مسلمين أو أحدهما فهو مسلم.
وبهذا الجواب يتبين حكم هذا المولود المتخلف عقلياً، وما ذكرناه فإنه مقتضى دلالة الكتاب والسنة، فإن القلم قد رفع عن ثلاثة: عن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ.
فضيلة الشيخ: هل هناك تفسير لآيات قرآنية كريمة تتعلق بذلك
القرآن كما قلت قبل قليل والسنة، كلٌ منهما يدل على أن المجنون ومن في حكمه ليس عليه تكليف.
فضيلة الشيخ: في فقرةٍ له يقول: وهل وجود طفل متخلف في العائلة هو عقوبة للوالدين؟
المصائب التي تصيب الإنسان تارةً تكون عقوبة، وتارةً تكون امتحاناً، تارةً تكون عقوبة إذا فعل الإنسان محرماً أو ترك واجباً، فقد يعجل الله له العقوبة في الدنيا، ويصيبه بما شاء من مصيبة، وقد يصاب الإنسان بمصيبة لا عقوبة على ترك واجبٍ أو فعل محرم، ولكن من باب الامتحان يمتحن الله بها الإنسان؛ ليعلم -عز وجل- أيصبر أو لا يصبر؟ وإذا صبر كانت هذه المصيبة منحة لا محنة، يرتقي بها هذا الإنسان إلى المراتب العالية وهي مرتبة الصابرين؛ لأن الصبر لا يحصل إلا بشيءٍ يصبر عليه، ولهذا كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوعك -يعني: يمرض- كما يوعك الرجلان منا، أي: يشدد عليه في الوعك؛ لأجل أن ينال بذلك أعلى درجات الصابرين عليه الصلاة والسلام.