الجواب
نجيب على هؤلاء الذين يقولون إن الإنسان إذا جامع وهو صائم في رمضان أو جامع وهو محرم فعليه كفارة ويسقط عنه الإثم نجيب عليهم بأمرين: أمر أثري وأمر نظري، أما الأثري نقول: إن الله تعالى قال في كتابه: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾[البقرة: 286] فقال الله تعالى: «قد فعلت»، وقال تعالى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾[الأحزاب: 5] وهذا لم يتعمد وحصل تطبيق عملي لهذا القاعدة وهي عدم المؤاخذة بالجهل والنسيان، فقد أفطر الصحابة- رضي الله عنهم - في عهد النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في يوم غيم ثم طلعت الشمس ولم يأمرهم بالقضاء؛ لأنهم كانوا جاهلين ظنوا أن الشمس قد غربت، وعدي بن حاتم- رضي الله عنه - أراد أن يصوم فجعل تحت وسادته عقالين وهما الحبلان اللذان تشد فيهما يد البعير، أحدهما أسود، والثاني أبيض، فجعل ينظر إليهما فلما تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود أمسك، ولم يأمره النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالإعادة، ومعاذ بن الحكم- رضي الله عنه - تكلم في الصلاة ولم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإعادة، فالمهم أن نقول: إن هذه الأدلة تدل على أن الإنسان إذا صنع شيئاً محرماً جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه.
أما الدليل النظري فنقول: إذا سقط الإثم لزم سقوط الكفارة؛ لأن الكفارة إنما تكون من أجل اتقاء عقوبة هذا الإثم، فإذا لم يكن هناك إثم فلا عقوبة، وعموم العفو في قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾[البقرة: 286] يشمل العفو عن الذنب والعفو عن الكفارة.