الجمعة 03 ذو القعدة 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم توفير المال لبناء مسكن

الجواب
أولاً: لمن ذكرت أن يوفر من كسبه ما لا يجحف به وبأسرته ما يبني به بيتا لسكناه وسكنى من يعول، وليس في القرآن ولا في السنة الثابتة ما يمنع من ذلك، ولا ما يوجب على المسلم أن يتصدق أو يتبرع بكل ما زاد عن حاجته، ثم إن المسكن الذي يملكه ويأوي إليه هو ومن يعول من حاجته، وليس في الكتاب ولا في السنة الثابتة أيضا ما يوجب على المسلم أن يدفع من ماله لمن هو أشد حاجة منه حتى يرفع مستواه ويجعله مثله في الحاجة أو قريبا منه، إنما فرض الله الزكاة فيما توفر من المال الزكوي، وإذا بلغ نصابا وحال عليه الحول من تاريخ تملكه وفرض عند الشدة المهلكة أو الفاجعة ما يحقق النجاة أو الخلاص منها، ويتعين ذلك على الموجودين في مكان الشدة، فيجب ذلك عينا أو كفاية عليهم حسب الحال.
ثانيًا: قد كان من الصحابة -رضي الله عنهم- الأغنياء كعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وغيرهما، وبلغ ما زاد على حاجتهم وتوفر لديهم من الأموال الزكوية نصابا وحال عليه الحول ولم يلزمهم النبي - صلى الله عليه وسلم- بأكثر من الزكاة، بل كان ينصح الجباة ويوصيهم بإنصافهم وبالعدل بينهم وبين مصارف الزكاة حتى لا يجوروا على أصحاب رءوس الأموال ولا يبخسوا الفقراء والمساكين وسائر مصارف الزكاة حظهم، ورحمة بالطرفين وإقامة للعدل بينهم، وكان لا يزيد في النوازل على أن يحثهم على الإنفاق كما حصل في غزوة تبوك، فمنهم من أتى بكل ماله كأبي بكر، ومنهم من أتى بنصفه كعمر، ومنهم من عرف عنه أنه جهز جيش العسرة كعثمان - رضي الله عنهم - ، والقصد أن كلا منهم دفع ما طابت به نفسه استجابة للخير ومعونة للجهاد في سبيل الله، ولم ينكر عليه إبقاء ما أبقى من ماله قل أو كثر، وحث على الوصية بالمال، ولم يأذن بالزيادة على الثلث ولو كان المال كثيرا والورثة قلة، إلى أمثال ذلك مما يدل على جواز إبقاء الإنسان مالا في ملكه يزيد كثيرا عن حاجته.
وعلى ذلك يجوز لمن ذكر أن يوفر من ماله ما يتيسر له به بناء بيت مناسب لسكناه وسكنى من يعول.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(21/154- 156)
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟