الجواب
قد تنازع العلماء في هذه المسألة كطالب العلم المسافر لطلب العلم، أو السفير الذي يقيم مدة في البلد ثم يرجع، أو التاجر يذهب بتجارة ثم يرجع على قولين للعلماء:
أحدهما: أن من سافر فله القصر مطلقا حتى يرجع وإن طالت المدة سنة أو سنتين أو أكثر ما دام لم يرد الإقامة إنما أقام لحاجة من تجارة أو طلب أو سفارة أو ما أشبه ذلك.
والقول الثاني: الذي عليه الجمهور أنه إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام يتم ولا يجمع، وهذا هو الذي عليه العمل ونفتي به، لأنه الأحوط والأقرب لقواعد الشرع، فمن أقام مدة تزيد على أربعة أيام ناويا لها فإنه يتم الصلاة أربعا سواء كان طالبا أو تاجرا أو سفيرا أو غير ذلك، ولا يجمع بين الصلاتين، له حكم المقيمين؛ لأن الأصل وجوب الإتمام، والأصل في حق المقيم أن يتم، هذا هو الأصل، صار في هذا في إقامة النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، أقام أربعة أيام لانتظار القيام بأعمال الحج، وهي الرابع والخامس والسادس والسابع، ثم خرج يوم الثامن إلى منى، ثم بعدها عرفة، فصارت الإقامة التي يجزم بها أربعة أيام، ثم خرج إلى أداء المناسك، وهذا الخروج بدء للسفر عند الجمهور لأنه بإنهاء أعمال الحج سافر صباح يوم الرابع عشر، وقال قوم: عشرة أيام؛ لأن الرسول أقام عشرة أيام في حجة الوداع، وهي الأربعة أيام التي قبل الحج وأيام الحج، الجميع عشرة من الرابع إلى الرابع عشر. وقال قوم: تسعة عشر يوما. قاله ابن عباس - رضي الله عنهما - ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أقام في مكة تسعة عشر يوما. قال: فإذا أقمنا تسعة عشر يوما قصرنا، وإذا زدنا أتممنا. ولكن القول الراجح والأقرب والأحوط أنه متى أقام أكثر من مدة أربعة أيام فإنه يتم ولا يجمع احتياطًا للدين وعملا بالسنة كلها.