السبت 19 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

هل ينتقض الوضوء بمس المرأة؟

الجواب
الصحيح أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، إلا إذا خرج منه شيء، ودليل هذا ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قبل بعض نسائه وخرج إلى الصلاة ولم يتوضأ. ولأن الأصل عدم النقض حتى يقوم دليل صريح صحيح على النقض، ولأن الرجل أتم طهارته بمقتضى دليل شرعي، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فإنه لا يمكن رفعه إلا بدليل شرعي.
فإن قيل: قد قال الله -عز وجل- في كتابه: ﴿أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾[النساء: 43].
ف أن المراد بالملاسة في الآية الجماع، كما صح ذلك عن ابن عباس -رضي الله عنهما- ثم إن هناك دليلا من تقسيم الآية الكريمة إلى أصلية، وبدلية، وتقسيم للطهارة إلى كبرى، وصغرى. وتقسيم لأسباب الطهارة الكبرى، والصغرى. قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾[المائدة: 6]. فهذه طهارة بالماء أصلية صغرى. ثم قال: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾[النساء: 43].
فقوله: (فتيمموا) هذا البدل.
وقوله: (أو جاء أحد منكم من الغائط). هذا بيان سبب الصغرى.
وقوله: (أو لامستم النساء). هذا بيان سبب الكبرى.
ولو حملناه على المس الذي هو الجس باليد، لكانت الآية الكريمة ذكر الله فيها سببين للطهارة الصغرى، وسكت عن سبب الطهارة الكبرى، مع أنه قال: (وإن كنتم جنبا فاطهروا).
وهذا خلاف البلاغة القرآنية، وعليه فتكون الآية دالة على أن المراد بقوله: (أو لامستم النساء)، أي جامعتم النساء، لتكون الآية مشتملة على السببين الموجبين للطهارة، السبب الأكبر والسبب الأصغر، والطهارتين الصغرى في الأعضاء الأربعة، والكبرى في جميع البدن، والبدل الذي هو طهارة التيمم في عضوين فقط؛ لأنه يتساوى فيها الصغرى والكبرى.
وعلى هذا فالقول الراجح أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، سواء بشهوة أو بغير شهوة إلا أن يخرج منه شيء، فإن خرج منه شيء وجب عليه الغسل إن كان الخارج منيًا، ووجب عليه غسل الذَّكر والأنثيين مع الوضوء إن كان مذيا.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(11/201- 202)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟