الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

هل ينتقض الوضوء بمس المرأة؟

الجواب
اختلف أهل العلم -رحمهم الله- في مسِّ المرأة هل ينقض الوضوء أم لا؟، فمنهم من قال: إنه لا ينقض الوضوء مطلقاً، ومنهم من قال: إنه ينقض الوضوء مطلقاً، ومنهم من قال: إن كان لشهوة نقض الوضوء وإن كان لغير شهوة لم ينقض الوضوء والقول الراجح أنه لا ينقض الوضوء مطلقاً إلا أن يخرج شيء من المس كالمذي وشبهه، فإن الوضوء ينتقض بهذا الخارج وقد استدل القائلون بأن اللمس ينقض مطلقاً بقوله تعالى: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾[النساء: 43] وفي قراءة أخرى سبعية: ﴿أو لَمستم النساء﴾[النساء: 43]؛ بناءً على أن المراد باللمس ملامسة الرَّجل للمرأة باليد أو بغيرها من الأعضاء والصواب أن المراد بالملامسة في هذه الآية هو الجماع كما فسر ذلك ابن عباس -رضي الله عنه- ويدل لهذا أن الآية الكريمة ذكر الله تعالى فيها الطهارتين الأصلىتين وطهارة البدل وذكر الله تعالى فيها السببين سبب الطهارة الكبرى وسبب الطهارة الصغرى، ففي قوله تعالى: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾[المائدة: 6] في هذا ذكر الطهارة الصغرى التي سببها الحدث الأصغر وفي قوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا﴾[المائدة: 6] ذكر الله تعالى الطهارة الكبرى وسببها وهو الجنابة وفي قوله: ﴿فَتَيَمَّمُوا﴾[النساء: 43] ذكر الله تعالى طهارة البدل وهي التيمم، وعلى هذا فيكون قوله: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ﴾[النساء: 43] يكون فيه إشارة إلى ذكر الموجبين للطهارتين ففي قوله: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ﴾[النساء: 43] ذكر موجب الطهارة الصغرى وفي قوله: ﴿أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ﴾[النساء: 43] ذكر موجب الطهارة الكبرى ولو حملنا اللمس على اللمس باليد وغيرها من الأعضاء بدون جماع لكان في الآية ذكر لموجبين من موجبات الطهارة الصغرى وإغفال لموجب الطهارة الكبرى، وعلى كل حال هذه الآية ليس فيه دلالة لما ذهب إليه أولئك القوم الذين قالوا بنقض الوضوء إذا مس الرجل المرأة والأصل براءة الذمة وبقاء الطهارة وما ثبت بدليل لا يرتفع إلا بدليل مثله أو أقوى منه، فإذا كانت الطهارة ثابتة بدليل شرعي، فإنه لا ينقضها إلا دليل شرعي مثل الذي ثبتت به أو أقوى
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟