الثلاثاء 22 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

هل ينتقض الوضوء بمس الزوجة؟

الجواب
مس المرأة سواء كان ذلك عمدا، أو من غير عمدا لا ينقض الوضوء على الصحيح، قد اختلف العلماء في ذلك، فقال بعضهم: إن مسها ينقض الوضوء مطلقا.
وقال بعضهم: لا ينقض الوضوء مطلقا. وقال بعض أهل العلم: ينقض مع الشهوة، وهي التلذذ بمسها، ولا ينقض المس بدون ذلك، والصواب: قول من قال: إنه لا ينقض مطلقا؛ لأنه ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قبل بعض نسائه، ثم صلى ولم يتوضأ.
ولأن الأصل سلامة الطهارة وعدم انتقاضها إلا بدليل، وليس هناك دليل واضح ثابت يدل على انتقاضها بمس المرأة، فوجب حينئذ أن تبقى الطهارة على حالها، ولا تنتقض بالمس لعدم الدليل على ذلك، بل لوجود الدليل على أن مسها لا ينقض ولو كان بشهوة؛ لأن القبلة في الغالب لا تكون إلا عن شهوة عن تلذذ، فالحاصل أن الصواب والراجح من أقوال العلماء أن مس المرأة بشهوة، أو بغير شهوة لا ينقض الوضوء، سواء إن كانت زوجته أو غير زوجته، هذا هو الصواب، وأما قوله -جل وعلا- : ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾[النساء: 43] وفي قراءة: (أو لمستم النساء)، فالمراد بذلك على الصحيح الجماع، هذا قول ابن عباس وجماعة من أهل العلم وهو الصواب، أما قول من قال: إن المراد به مس المرأة كما يروي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- ، يعني مسها باليد فهذا مرجوح، والله -جل وعلا- يعبر عن الجماع بالمسيس واللمس والمباشرة، كما في قوله -جل وعلا- : ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾[البقرة: 187] وقال هنا: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾[النساء: 43] فالمراد به هنا الجماع، وهكذا قراءة من قرأ: (أو لمستم) أو ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾[البقرة: 237] في طلاق غير المدخول بها، فالمراد كله الجماع، هذا هو الصواب، وهو الحق إن شاء الله.
ومن يقول: إن تقبيل الرسول - صلى الله عليه وسلم- لا يقاس عليه؛ لأن الرسول يستطيع أن يمسك نفسه، وألا يقع فيما يقع فيه العامة الآن.
فهذا القول ليس بشيء، هو المشرع لنا، هو القدوة -عليه الصلاة والسلام- ، ولما قيل في مثل هذا قال: «إني أخشاكم لله وأتقاكم له» -عليه الصلاة والسلام- ، لما سأله سائل قال: إنك يا رسول الله قد غفر الله لك في مسائل عديدة، قال: «إني أخشاكم لله وأتقاكم له» -عليه الصلاة والسلام- ، فالحاصل أنه القدوة والأسوة في كل شيء -عليه الصلاة والسلام- ، إلا ما دل الدليل على أنه خاص به -عليه الصلاة والسلام-.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(5/213- 215)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟