الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

هل يطلع الميت على أحوال أهله, ويعلم سلامهم ويرد عليهم؟

الجواب
المشروع لك الدعاء له إذا كان مات مسلما، والترحم عليه والصدقة عنه، هذا ينفعه كثيرا، أما الزيارة فليس لك الزيارة، الرسول - صلى الله عليه وسلم- منع النساء من زيارة القبور، وقال -عليه الصلاة والسلام-: «زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة» وأراد بذلك الرجال، أما النساء، فقد ثبت عنه لعن زوارات القبور من النساء، فالواجب عليك ألا تزوريه في المقبرة، ولكن تدعين له في بيتك، وفي كل مكان بالمغفرة والرحمة، وتتصدقين عنه إن تيسر لك صدقة، وأنت على خير إن شاء الله، وأما الزيارة فلا، عليك أيضا أن تتقي الله وأن تصلي، فإن الصلاة عمود الإسلام، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» فالصلاة عمود الإسلام، وأمرها عظيم، والله يقول فيها سبحانه في كتابه العظيم؛ القرآن: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾[البقرة: 238], ويقول سبحانه في كتابه العظيم: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[النور: 56], فالواجب عليك أن تقيمي الصلاة في وقتها، الظهر أربعا، العصر أربعا، المغرب ثلاثا، العشاء أربعا، الفجر ثنتين، هذا الواجب عليك وعلى كل مسلم، ومن تركها كفر ولا حول ولا قوة إلا بالله، فالواجب عليك أن تتوبي مما سلف، وأن تستقبلي زمانك بالصلاة، والمحافظة على دين الله، وأن تسألي عما أشكل عليك من دينك أهل العلم، أو من طريق هذا البرنامج بالمكاتبة، وسوف تجدين - إن شاء الله - في هذا البرنامج ما يكفي ويشفي.
وأما كون الميت يطلع على أحوال أهله، ويعلم أخبارهم، فهذا لا دليل عليه، قد قاله بعض الناس في بعض مرائيهم، وزعموا أنهم يرون بعض موتاهم، وأنهم يخبرونهم ببعض ما يقع، ولكن هذا لا يعول عليه، المرائي المنامية لا يعول عليها في أشياء من علم الغيب، ولكن على المؤمن أن يحرص على الإحسان إلى أمواته، سواء عرفوا أو ما عرفوا، عليه أن يحرص على الدعاء لهم، والترحم عليهم، وعلى الصدقة عنهم، وقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم- ، «قال له رجل: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما - يعني: وصاياهما الشرعية - وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما», فالدعاء للميت والاستغفار له، والترحم عليه والصدقة عنه، كل هذا ينفعه في حياته وبعد مماته، أما كونهم يعلمون بالزائر، فهذا أيضا محل نظر، فقد جاء في بعض الأحاديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قال: «ما من عبد يزور أخا له كان يعرفه في الدنيا، فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام» هكذا روى ابن عبد البر وابن أبي الدنيا بإسناد جيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «ما من رجل يزور أخا له كان يعرفه في الدنيا، فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام» فالحاصل أنه سواء عرفه أو ما عرفه، المهم أنه يزوره يدعو له، النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: «زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة» فالمهم أنها تنفع الحي، تعينه على تذكر الآخرة، وتذكر الموت حتى يستعد للقاء الله، وتنفع الميت من جهة أن الزائر يدعو له، ويترحم عليه، فالزيارة للقبور فيها مصالح للحي والميت جميعا، يزورهم ويسلم عليهم ويدعو لهم، ثم ينصرف، لا يتمسح بقبورهم ولا يصلي عند قبورهم، ولا يسأل الله بهم، ولكن يدعو لهم ويقول: اللهم اغفر لهم، اللهم ارحمهم. كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية» وفي حديث آخر: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين» «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد» يدعو لهم -عليه الصلاة والسلام- ، هكذا أمته تتأسى به، فتدعو للأموات، وتسأل الله لهم المغفرة والعافية، وهذا هو المشروع، ويكفي هذا للمؤمن؛ أن يفعل ما شرعه الله، وأن يقف عند الحد الشرعي.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب (14/ 474- 478)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟