الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 25-03-2020

هل يرثون من مال أبيهم الذي لا يصلي؟

الجواب
الوالد له حق عظيم، سواء كان رجلاً أو امرأة (الوالد والوالدة)، فالواجب النصيحة والإرشاد والمخاطبة الحسنة، ولو كان تاركًا للصلاة، ولو كان كافرًا بأي كفر، لا بد من الصبر والاستمرار في النصيحة والتوجيه وعدم الهجر، لا تهجره، لا يجوز لك هجره، الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العظيم: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾[لقمان: 15] أمره بأن يصاحبها في الدنيا معروفًا، وألا يطيعهما، لا في المعصية ولا في الكفر، ولهذا قال بعده: ﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ﴾[لقمان: 15]. فالمقصود أن الواجب عليك أيها الولد أن تتقي الله، وأن تنصح والدك أنت وإخوانك، ومن يساعدك من أهل الخير في نصيحته وتوجيهه، وعدم اليأس، لكن لا تهجره ولا تؤذه، ولا ترفع الصوت عليه، ولكن انصحه بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، كما أنت مأمور بذلك، يقول الله جل وعلا: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا﴾[لقمان: 15]. ويقول جل وعلا: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾[لقمان: 14]. ثم قال بعده: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ﴾[لقمان: 15]. فأنت مأمور أن تصاحبهما في المعروف بالكلام الطيب، لكن مع النصيحة، مع التوجيه، مع الإرشاد عملاً بقول ربك جل وعلا: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾[لقمان: 14] وقوله: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾[لقمان: 15]. قد يهديهم الله على يديك ويكون لك بذلك البر والخير العظيم والأجر الكبير، وقد قال الله عز وجل: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾[الإسراء: 23- 24]. فلا تيأس يا أخي، وترك الصلاة لا شك أنه كفر، وهو كفر أكبر على أصح قولي العلماء، وإذا مات على ترك الصلاة لا يرثه المسلم من أولاده، وإنما يكون للكفرة من أقاربه الذين مثله، وقال آخرون من أهل العلم: إنه لبيت المال لأنه مرتد فيكون ماله لبيت المال لا لمن كان كافرًا من جماعته، بل يؤخذ ماله ويصرف لبيت المال، لأنه ليس من الكفار الأصليين، وليس من المسلمين، والمرتد يكون ماله فيئًا لبيت مال المسلمين، يصرف في مصالح المسلمين، وهذا قول قوي وجيد، ولعله الأقرب والأولى، فلا يعطاه الكفار ولا يعطاه المسلمون، ولكن يصرف في بيت المال، إذا ارتد بترك الصلاة أو بسب الدين أو بشيء من أنواع الكفر والضلال الأخرى فإنه لا يصلى عليه ولا يغسل ولا يدفن مع المسلمين، ويكون ماله فيئًا لبيت مال المسلمين ومصالح المسلمين، وإذا رأى ولي الأمر أن يعطيه أولاده المسلمين تقديرًا لجهودهم وأعمالهم في نصيحته، ولئلا يحرموا منه فلا بأس، إذا رأى ولي الأمر ذلك مساعدة لهم على تثبيت الإسلام وتأليف قلوبهم، هذا أمر حسن.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(19/448- 451)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟