الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 25-03-2020

هل يجوز له السفر إلى بلاد الكفر لأجل الدراسة مع وجود خطورة على الدَّين ؟

السؤال
الفتوى رقم(20968)
أنا شاب سعودي حصلت لي بعثة في أمريكا للدراسة في أحد التخصصات العامة، وهذا التخصص يدرس في جامعتي التي ابتعثت منها، وأفيدكم بأن الدراسة في الخارج يختلط فيها الطلاب والطالبات في الفصول، والطالبات يلبسن البنطال الضيق (الجينز) وبعضهن يلبسن ملابس إلى أنصاف الفخذين، وأخريات إلى الركبتين، مع مظاهر الزينة على الوجه والتطيب وتقلد الصليب، وهذه المناظر الفاتنة نشاهدها في الطرقات والأسواق والأماكن العامة، وحالي وحال كثير من الشباب هناك أننا نجالس الطلاب والطالبات من يهود ونصارى في المدارس، ونتكلم معهم ونتبسم أمامهم، ونلين معهم الكلام والعبارات، وقد نصحني بعض الإخوة بعدم السفر لخطورته على الدين والأخلاق، وخطورته على الزوجة أيضا والأبناء؛ لما ذكر آنفا من التعود على مشاهدة المنكرات والأوضاع الأخلاقية المزرية هناك، وقرأوا على آية النساء: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾[النساء: 97] وقالوا: إن ابن كثير رحمه الله قال: (إن المقيم بديار الكفار ظالم لنفسه، ومرتكب حراما بالإجماع وبنص هذه الآية ما لم يكن مظهرا لدينه) اهـ.
وقالوا: إن إظهار الدين ليس بأداء الصلاة والصوم، وإنما هو ملة إبراهيم عليه السلام، وهو أن تتبرأ منهم وما هم عليه من الكفر، والتصريح بالبراءة منهم، وأنهم ليسوا على حق، وأنهم على الباطل، ويصرح بعداوته لهم، وقالوا: إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، ذكر في (السيرة) أنه لا يستقيم للإنسان إسلام ولو وحد الله وترك الشرك إلا بعداوة الكافرين وبغضهم، والتصريح لهم بالعداوة، وذكروا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : «أنا بريء من مسلم يقيم بين ظهراني المشركين» وحديث: «لا يقبل الله من مشرك عملا بعدما أسلم أو يفارق المشركين» وقالوا: إن جريرا -رضي الله عنه-، اشترط عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند مبايعته على الإسلام مفارقته المشركين، وأنا الآن محتار، وسؤالي: ما حكم السفر والدراسة هنا ؟ وما إظهار الدين الذي يجوز معه السفر للخارج وتبرأ به الذمة ؟ وهل على أهل زوجتي إثم في السماح لها بالسفر معي مع علمهم بما يحصل هناك، أو يجب عليهم منعها من السفر ؟ أرجو إفادتي، والتفصيل في هذا الأمر الهام، الذي يهم كثيرا من شباب المسلمين.
الجواب
إذا كان الواقع كما ذكر من أن التخصص الذي تدرسه موجود في بلدك الإسلامي، وأن الدراسة في الخارج مشتملة على مفاسد كثيرة في الدين والأخلاق وعلى الزوجة والأولاد- فإنه لا يجوز لك السفر لهذه الدراسة؛ لأنها ليست من الضرورات، مع وجودها في بلدك الإسلامي، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث كثيرة في التحذير من الإقامة في بلاد الكفار من غير مسوغ شرعي؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم - : «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين» ، وغيره من الأحاديث، وما وقع فيه بعض المسلمين من السفر إلى بلاد الكفار من غير ضرورة هو من التساهل الذي لا يجوز في دين الله، وهو من إيثار الدنيا على الآخرة، وقد قال الله جل وعلا: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾[الأعلى: 16-17] وقال سبحانه: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى﴾[النساء: 77] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «من كان همه الآخرة جمع الله شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت نيته الدنيا فرق الله عليه ضيعته، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له» وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(26/95- 96)
بكر أبو زيد ... عضو
صالح الفوزان ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟