الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

هل يتساوى من مات هدمًا أو حرقا... مع شهيد المعركة؟

الجواب
هذا الذي ذكره السائل فيمن مات بهدم أو حرق أو غرق فهو شهيد صحيح صح به الحديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولكن لا يعطى حكم الشهيد المقتول في سبيل الله فإن الشهيد المقتول في سبيل الله يغفر له كل شيء إلا الدَّين والشهيد المقتول في سبيل الله لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ويدفن في ثيابه بدمائه كما أمر بذلك النبي- صلى الله عليه وسلم- سنة أُحد لأنه يبعث يوم القيامة وجرحه يثعب دماً اللون لون الدم والريح ريح المسك ولأن المقتول في سبيل الله لا يفتن في قبره أي لا يأتيه الملكان يسألانه عن ربه ودينه ونبيه اكتفاء بالمحنة العظيمة التي حصلت له بالجهاد في سبيل الله حيث عرض رقبته وعرض نفسه للتلف والهلاك إعلاء لكلمة الله عز وجل فكفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة وهذه الأحكام لا تثبت للشهيد الذي مات بالأسباب التي ذكرها السائل لكن يرجى له أن يكون شهيداً ثم إن هاهنا نقطة أحب أن أقولها وهي أن من قتل في سبيل الله فهو الذي يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو شهيد ولكننا لا نشهد لشخص معين بأنه شهيد وإن قتل في المعركة وقد بوب البخاري - رحمه الله- في صحيحه على هذه المسألة قال باب لا يقال فلان شهيد واستدل بالحديث الصحيح: «ما من مكلوم يكلم في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحه أو قال كَلْمُهُ يثعب دماً اللون لون الدم والريح ريح المسك» فقوله- صلى الله عليه وسلم- «والله أعلم بمن يُكلم في سبيله» إشارة إلى اعتبار النية ونحن لا نعلم بنية هذا المقتول وإن كنا نعامله بالظاهر فيما يتعلق بالتغسيل والتكفين والصلاة لكننا لا نحكم له في الباطن وهو أنه شهيد من أهل الجنة ولكننا نقول يرجى أن يكون من الشهداء ومعلوم أن هذا الذي قتل في سبيل الله في عصرنا لم يشهد له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بأنه شهيد ومعلوم أيضاً أننا لو شهدنا بأنه شهيد لزم من ذلك أن نشهد له بأنه من أهل الجنة وهذا لم يتحقق بشهادة النبي- صلى الله عليه وسلم- فالورع أن لا يقال فلان شهيد وإن قتل في سبيل الله أي لا يقال له بعينه ولكن نقول يرجى أن يكون من الشهداء أو نقول بما قال به الرسول - صلى الله عليه وسلم-: «من قتل في سبيل الله فهو شهيد» على سبيل العموم.
وأما قول السائل من مات بهذه الأسباب هل يكون شهيداً وهو لا يصلي فجوابنا على هذا أن نقول لا ولا كرامة فإن من مات وهو لا يصلي فليس بشهيد حتى لو كان مقتولاً في الصف وهو يجاهد الكفار وهو لا يصلي فإنه ليس بشهيد وذلك لأن من لم يصلِّ كافر والكافر لا ينفعه عمله إطلاقاً قال الله تعالى ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ﴾ [التوبة: 54] وقال الله تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً﴾ [الفرقان: 23] فمن مات على الكفر فإن جميع أعماله حابطة مهما كانت حتى وإن كان مجاهداً في سبيل الله وقتل في المعركة ولكنه لا يصلى فليس له أجر وليس شهيداً ولا كرامة له ويحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبيّ بن خلف.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟