الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

هل يؤثر شرب الدخان على الحج ؟

الجواب
شرب الدخان حرام على الحاج وغير الحاج، ومعصية، ولا يغرنكم كثرة الشاربين، والدليل على أنه حرام ومعصية قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾[النساء: 29]، ومعلوم أن شرب الدخان والإدمان عليه سبب للهلاك، والعجب أن بعض الدول الكافرة التي لا تؤمن بالإسلام حرموه على شعوبهم ومنعوهم منه، لأنه ضار بلا شك، والله عز وجل يقول: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾[النساء: 29] وليس المراد بقوله لا تقتلوا أنفسكم أنه يأخذ الإنسان خنجراً ويقتل نفسه هذا معروف حرام، لكن يشمل قتل النفس التي تزهق به الروح والضرر أيضاً، والدليل على أنه شامل للضرر أن عمرو بن العاص رضي الله عنه بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - في سرية فأجنب أصابته جنابة، وكانت الليلة باردة فتيمم فصلى، فلما قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «أصليت بأصحابك وأنت جنب ؟» قال يا رسول الله ذكرت قول الله عز وجل: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾[النساء: 29] يعني وخفت من البرد، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقر، فالدخان فيه ضرر على الإنسان.
ثانياً: فيه إضاعة للمال، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال، وفي القرآن ما يدل على النهي عن إضاعة المال كما في قوله تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾[النساء: 5] لا نؤتيهم الأموال لأنهم سفهاء يبذلونها في غير فائدة فنهى الله عنها في ذلك.
ثالثاً: المدخن مؤذ للغير يؤذي الناس برائحته وبدخانه وما آذى المسلمين فهو حرام لقول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾[الأحزاب: 58]
رابعاً: اسأل المدخن، هل الصوم سهل عليه أم صعب ؟ سيقول: إنه صعب، لا لأنه يجوع ويعطش، بل لأنه فقد شرب الدخان، فيكون شرب الدخان مثقلاً للعبادات على الإنسان، فيأتي بالعبادات على وجه الكراهية، وهذا خطر على الدين، أي إنسان يكره شيئاً من فرائض الله فإن عمله حابط، قال الله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُم كَرِهُواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُم﴾[محمد: 9]، وإذا كان كذلك فإن الله تعالى يقول في القرآن: ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾[البقرة: 197]، وهذا أتى الفسوق فيكون نسكه ناقصاً، فالذي يدخن وهو محرم نسكه ناقص ينقص أجره وثوابه، ولهذا أرى أن الإنسان العاقل يتخذ من الإحرام فرصة لترك الدخان؛ لأنه إذا بقي هذه المدة لم يشرب الدخان سهل عليه تركه والمضي في ذلك فتكون هذه فرصة لمن أراد أن ينتهي عن الدخان. والله الموفق.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(24/ 104)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟