الجواب
الله لطيف بعباده رحيم بهم، ومن رحمته أنه لم يكلفهم ما لا يطيقون، فلا يؤاخذ الإنسان بخواطر نفسه ووساوسها؛ لما ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تكلم أو تعمل به»، وفي (المسند) قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثني العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة قال: لما نزلت على رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾[البقرة: 284] اشتد ذلك على أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، فأتوا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ثم جثوا على الركب، وقالوا: يا رسول الله، كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها. فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: «أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير» فلما أقر بها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله في إثرها: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾[البقرة: 285] فلما فعلوا ذلك نسخها الله فأنزل الله: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾[البقرة: 286
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.