الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 11-09-2023

هل صح عن الشيخ ابن عثيمين أن المؤذنين يؤذنون قبل الوقت بخمس دقائق؟

الجواب

نَعَمْ، هَذَا صحيح؛ المؤذِّنُونَ يؤذِّنُونَ قبلَ طُلوعِ الفَجْرِ بِخَمْس دقائق؛ لأن بعض المؤذِّنِينَ يعْتَمِدُ عَلَى ساعتِهِ، والساعات تختلف، ثمَّ إن المؤذنِينَ من عادَتِهِمْ أن يتّبعَ بعضُهم بعضًا دونَ قَيْدٍ ولا شَرْطٍ، حتى إِنَّ أَنَاسًا في أَوَّلِ رمضانَ هَذَا العام سَمِعُوا أَذانَ الرياض وهُمْ في القَصِيمِ، فَظَنُّوا أَنه مُؤذِّنُ فِي القَصِيمِ، فَأَذَنُوا، وأفطَرَ الناسُ، وَهَذَا من الغَلَطِ.

فالواجبُ عَلَى المؤذنِينَ التَّحَرِّي، وهم إذا تأَخَّرُوا -مثلًا- عن طلوع الفَجْرِ خمس دقائق خيرٌ مِن أَنْ يَتَقَدَّمُوا طلوع الفجر بدقيقة واحدة؛ لأن التَّقَدُّمَ عَلَى الوقتِ في فَجْرِ أَيامِ الصّيامِ فيه جِنَايَتَانِ:

الجناية الأُولى: حِرمانُ المُسْلِمِينَ ما أَحَلَّ اللهُ لَهُمْ من الطعام والشَّرابِ؛ لأنَّ اللهَ أحلَّ لهم الطعام والشرابَ إلى مطلع الفجر، كما قالَ تَعَالَى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَنَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة:۱۸۷] فانْظُروا لم يَقُل: حتى يطلُعَ الفَجْرِ، بل قالَ: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ﴾ وبينهما فَرْقٌ، حتى لو فَرَضْنَا فَلَكِيًّا أَن الفَجْرَ قَدْ طَلَعَ، ولكن لم يَتَبَيَّنُ، فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ؛ لأن الله قال: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ﴾ وبَيَّنَ الرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أن المُرَادَ بِهِ الفَجْرُ الصادِقُ؛ الَّذِي يكونُ مستَطِيرًا فِي الْأُفُقِ، ولا ظُلْمَةَ بَعْدَهُ. فإذَا أَذَّنَ المؤذِّنُ قبلَ طُلوع الفجرِ، وإِنْ زَعَمَ أن ذلِكَ احتياط، فَإِنَّهُ مَنَعَ المُسْلِمِينَ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ.

الجنايَةُ الثانِيَةُ: أَنه كَانَ سَبَبًا في أَنْ يُصَلِّي بعضُ الناس صلاةَ الفَجْرِ قبل دخولِ الوقتِ، وَهَذَا شيء عظيم.

فمَثَلًا: لو أن إنسانًا بدأ صلاةَ الفَجْرِ، فقالَ: اللَّهُ أكبر. وقبلَ أَنْ يَشرع في الفاتِحَةِ تبيَّنَ طلوعُ الفَجْرِ، فَصَلاتُهُ نفلٌ، يَبطلُ الفَرْضُ، ولكن تَصِحُ نَفْلًا؛ لأن المصَلِّيِ للفَجْرِ تضمَّنَتْ نَيْته شيئين: نِيَّة صلاةٍ، ونِيَّةٍ فَجْرِ، فإذا بَطَلَتْ نِيَّةُ الفَجْرِ، بِقِيَتْ نِيَّةُ الصَّلاةِ؛ ولهذا ذكَرَ الفقهاء -رَحِمَهُم اللهُ- قاعدَةً مفِيدَةً: إن الإنْسَانَ إِذَا أَدَّى فَرْضًا، وَتَبَيَّنَ أَنَّ وقتَهُ لم يَدْخُلْ صارَ ذلِكَ نَفْلًا.

المصدر:

[دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين للشيخ ابن عثيمين (13/104-105)].


هل انتفعت بهذه الإجابة؟