الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

هل تنفع لا إله إلا الله صحابها دون عمل؟

الجواب
كلمة لا إله إلا الله كلمة عظيمة، لو وزنت بها السماوات والأرض لرجحت بهن. ومعناها: لا معبود حق إلا الله، فكل ما يعبد من دون الله فهو باطل؛ لقول الله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾[لقمان: 30]. والعبادة لا تختص بالركوع أو السجود، يعني: أن الإنسان قد يعبد غير الله دون أن يركع له ويسجد، ولكن يقدم محبته على محبة الله، وتعظيمه على تعظيم الله، ويكون قوله أعظم في قلبه من قول الله، ولهذا قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: «تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة، إن أعطي رضي وإن لم يعطَ سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش». فَجَعَلَ للدينار عبداً، وللدرهم عبداً، وللخميلة عبداً، وللخميصة عبداً، الخميلة: الفراش، والخميصة: الكساء، مع أن هؤلاء لا يعبدون الدرهم والدينار، لا يركعون له ولا يسجدون له، لكنهم يعظمونه أكثر من تعظيم الله -عز وجل- ، وإلى هذا يشير قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ﴾[البقرة: 165]. فهذه الكلمة كلمة عظيمة، فيها البراءة من كل شرك، وإخلاص الألوهية والعبادة لله -عز وجل- ، فلو قالها بلسانه وقلبه فهو الذي قالها حقاً، ولهذا قال أبو هريرة: يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال: «من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه» وقال في حديث عتبان بن مالك- أعني: النبي-صلى الله عليه وسلم- ، قال-: «إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله»، فلا بد من الإخلاص. وأمَّا مَنْ قالها بلسانه دون أن يوقن بها قلبه، فإنها لا تنفعه؛ لأن المنافقين يذكرون الله ويقولون: لا إله إلا الله، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً﴾[النساء: 142]. ويشهدون للنبي-صلى الله عليه وسلم- بالرسالة، كما قال تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾[المنافقون: 1]. فلن تنفعهم شهادة أن لا إله إلا الله ولا شهادة أن محمداً رسول الله؛ لأنهم لم يقولوا ذلك عن قلب وإخلاص. فمن قال هذه الكلمة دون إخلاص فإنها لا تنفعه، ولا تزيده من الله تعالى إلا بعداً. فنسأل الله لنا ولإخواننا المسلمين الإيقان بها والعمل بمقتضاها، إنه على كل شيء قدير.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟