الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

هل تجب الزكاة في الحلي إذا عاهدت الله تعالى أن تبني به مسجدًا ؟

الجواب
هذا السؤال يتطلب مني شيئين:
الشيء الأول: الإجابة على نفس السؤال، والشيء الثاني: حكم المعاهدة مع الله عز وجل على الأعمال الصالحة، وأبدأ بهذا أولاً فأقول: معاهدة الله سبحانه وتعالى على الأعمال الصالحة هي النذر والنذر نهى عنه النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وقال: «إنه لا يأتي بخير ولا يرد قضاء» وكثير من الناس ينذر لله عز وجل أو يعاهد الله عز وجل على فعل الطاعات ليحمل نفسه على فعلها فكأنه يريد إرغام نفسه على أن تفعل وقد نهى الله عز وجل عن مثل هذا في قوله: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ﴾[النور: 53] يعني عليكم طاعة معروفة أي أن تطيعوا الله سبحانه وتعالى بنفوس مطمئنة غير مضطرة إلى فعل ما أمرت به ثم إن عاقبة النذر أحيانًا تكون وخيمة إذا نذر الإنسان شيئا لله في مقابلة نعمة ثم حصلت تلك النعمة فلم يف بما عاهد الله عليه فإن العاقبة وخيمة جدا كما قال الله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾[التوبة: 75 - 77] وما أكثر الناذرين الذين ينذرون أشياء في مقابلة نعمة من الله أو اندفاع نقمة ثم يندمون وربما لا يوفون تجد الإنسان إذا أيس من شفاء المرض قال: لله علي نذر إن شفاني الله من هذا المرض أو شفى أبي وأمي أن أفعل كذا وكذا من العبادات بعضهم يقول: أن أصوم شهرين، بعضهم يقول: أن أصوم يوم الاثنين ويوم الخميس، وبعضهم يقول: أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر، بعضهم يقول: أن أصوم سنة كاملة وما أشبه ذلك ثم إذا حصل ما نذر عليه ندموا وقاموا يطرقون باب كل عالم لعلهم يجدون الخلاص؛ لهذا ننصح إخواننا المسلمين عمومًا وهذه السائلة خصوصًا ألا ينذروا شيئا لله عز وجل ونقول: أطيعوا الله تعالى بلا نذر اشكروا الله تعالى على نعمه بلا نذر اشكروا الله على اندفاع النقم بلا نذر. وأما الجواب عن السؤال فنقول: إن هذه المرأة نذرت بمعاهدتها لله عز وجل أن تجعل ما يحصل لها من الذهب في بناء مسجد فيجب عليها أن تجمع ما يأتيها من الذهب لتبني به المسجد ولا يحل لها أن تتصرف بهذا الذهب تصرفًا يخل بالنذر، أما إذا كان تصرفا لمصلحة النذر مثل: أن تتجر بالذهب حتى ينمو ويسهل عليها إنفاذ ما عاهدت الله عليه، فهذا لا بأس به إذا كان يغلب على ظنها السلامة والربح، وأما ما ذكرت من أن الوقف ليس فيه زكاة، فهذا صحيح لكن هذا الذهب ليس وقفًا الآن هي لم توقف الذهب ولكنها عاهدت الله أن تجمع لتبني به مسجدًا، فهو الآن في ملكها فعليها زكاته كما كانت تزكيه من قبل.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟