الأحد 20 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

هل النار مؤبدة أو تفنى؟

الجواب
المتعين قطعا أنها مؤبدة، ولا يكاد يعرف عند السلف سوى هذا القول، ولهذا جعله العلماء من عقائدهم، بأن نؤمن ونعتقد بأن النار مؤبدة أبد الآبدين، وهذا الأمر لا شك فيه؛ لأن الله تعالى ذكر التأبيد في ثلاثة مواضع من القرآن:
الأول: في سورة النساء في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾[النساء: 168- 169].
والثاني: في سورة الأحزاب ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾[الأحزاب: 64-65].
والثالث: في سورة الجن ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾[الجن: 23]. ولو ذكر الله -عز وجل- التأبيد في موضع واحد لكفى، فكيف وهو قد ذكره في ثلاثة مواضع؟! ومن العجب أن فئة قليلة من العلماء ذهبوا إلى أنها تفنى بناء على علل عليلة؛ لمخالفتها لمقتضى الكتاب والسنة، وحرفوا من أجلها الكتاب والسنة، فقالوا: إن (خالدين فيها أبدًا) ما دامت موجودة فكيف هذا؟! إذا كانوا خالدين فيها أبدا، لزم أن تكون هي مؤبدة (فيها) هم كائنون فيها، وإذا كان الإنسان خالدا مؤبدا تخليده، لزم أن يكون مكان الخلود مؤبدا؛ لأنه لو فني مكان الخلود ما صح تأبيد الخلود، والآية واضحة جدا، والتعليلات الباردة المخالفة للنص مردودة على صاحبها، وهذا الخلاف الذي ذكر عن فئة قليلة من أهل العلم خلاف مطرح؛ لأنه مخالف للنص الصريح الذي يجب على كل مؤمن أن يعتقده، ومن خالفه لشبهة قامت عنده، فيعذر عند الله، لكن من تأمل نصوص الكتاب والسنة عرف أن القول بتأبيدها هو الحق، الذي لا يحق العدول عنه.
والحكمة تقتضي ذلك؛ لأن هذا الكافر أفنى عمره، كل عمره في محاربة الله -عز وجل- ومعصية الله، والكفر به، وتكذيب رسله مع أنه جاءه النذير وأعذر وبين له الحق، ودعي إليه، وقوتل عليه، وأصر على الكفر والباطل فكيف نقول: إن هذا لا يؤبد عذابه؟! والآيات في هذا صريحة كما تقدم.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(2/55-56)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟