الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

نصيحة لمن يفرط في شهر رمضان

الجواب
واقع هذا السؤالمؤلم، أن يفني الإنسان عمره في مثل هذه الأمور، سواء في رمضان أو في غير رمضان.
إنني أقول: لو أن إنساناً فقد درهماً واحداً من ماله لصار يبكي عليه ويطلبه.
ولو أنه ضاع عليه في الحساب خطأً درهم واحد لذهب يكرر الحساب مرة بعد أخرى حتى يعرف أين كان هذا الدرهم، لا شك أن هذا هو الواقع عند كثير من الناس أو أكثرهم، وهؤلاء مساكين يضيعون ساعات العمر واللحظة منها أفضل من الدنيا كلها، اللحظة منها إذا لم يصرفها الإنسان في طاعة الله فهي خسارة لا تعوض، المال يمكن أن يعوض بأن يتجر الإنسان ويربح، أو يموت له قريب غني ويرث، لكن العمر لا يعوض أبداً، إذا فات منه لحظة أبعدتك من الدنيا وأقربتك من الآخرة، ويدلك على أن العمر أغلى من المال كله: أن الله قال في كتابه: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ﴾ [المؤمنون: 99-100] هذا المال الذي أفنى عمره به يطلب من الله أن يرجع ليعمل بهذا المال صالحاً، ولكن أنَّى ذلك، قال الله تعالى: ﴿كَلَّا﴾ [المؤمنون: 100] أي: لن ترجع، ثم أكد عز وجل أنها كلمة حق: ﴿إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا﴾ [المؤمنون: 100] الله أكبر! يقولها الإنسان وإن لم يسمع، يمكن أن من عنده لا يسمعونه لكنه قائلها، ولهذا جاءت الجملة اسمية، لم يقل: إنها كلمة يقولها، قال: ﴿كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا﴾ [المؤمنون: 100] بالتأكيد، ولكن لا تنفع ﴿وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ﴾ إلى متى؟ ﴿إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [المؤمنون: 100] ولا يمكن أن يعودوا إلى الدنيا، هؤلاء الذين يمضون أوقاتهم في هذه المقولات -في السؤال: - هم أعظم الناس خسارة وأفدحهم -والعياذ بالله- هذا في غير رمضان فما بالك في رمضان! الذي ساعته غرر، وأوقاته درر، والإنسان لا يدري هل يدركه بعد عامه أو لا يدركه، كم من إنسان استقبله فلم يدركه، وكم من إنسان أدرك أوله ولم يدرك آخره؟ وكم من إنسان أدركه كله ولم يستفد منه شيئاً؛ لأنه أمضاه في المعصية؟ الله أكبر! السلف الصالح يقال عنهم: إنهم يسألون الله ستة أشهرٍ أن يبلغهم رمضان، فإذا أتى سألوا الله ستة أشهر أن يقبل منهم رمضان، وهؤلاء يفرطون في هذا الشهر هذا التفريط -والعياذ بالله- الشيوخ والعجائز يمضون الليالي في المسلسلات واللغو من القول، بل والمنكر من القول أحياناً، ولست أقول هذا معمماً لكل الشيوخ والعجائز بل في الشيوخ والعجائز -ولله الحمد- من يبيتون لربهم سجداً وقياماً في رمضان وفي غيره، لكن الناس ابتلوا الآن بفتنة دخلت عليهم في البيوت، ولم يستطع أن يتخلص منها إلا من شاء الله هدايته.
فنصيحتي لإخواني: أن يتقوا الله تعالى في هذا الشهر، وأن يقبلوا على العبادة، وإني ليغلب على ظني أن قوماً انقطعوا إلى الله عز وجل شهراً كاملاً في عبادته صياماً في النهار، وقياماً في الليل، وصدقات، وقرآن، وذكر لله عز وجل، أعتقد أنهم سيجدون تربية، وأن هذا سيؤثر على قلوبهم حتى يستقيموا على أمر الله.
الله الله يا إخوان، أوصي نفسي قبلكم وأوصيكم أيضاً: بأن ننتهز هذه الفرصة العظيمة.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى اللقاء الشهري، لقاء رقم(33)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟