الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 26-03-2020

نصيحة للذين يدرِّسون الطلاب العقيدة الأشعرية

الجواب
هؤلاء الذين يفسرون القرآن بهذا التفسير سميناهم أشعرية أو غير هذا الاسم، لا شك أنهم أخطئوا طريقة السلف الصالح، فإن السلف الصالح لم يرد عنهم حرف واحد فيما ذهب إليه هؤلاء المتأولون، فليأتوا بحرف واحد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو عن أبي بكر، أو عمر، أو عثمان، أو علي -رضي الله عنهم- أجمعين- أنهم أولوا اليد بالقدرة أو بالقوة، أو أولوا الاستواء بالاستيلاء، أو أولوا الوجه بالثواب، أو أولوا المحبة بالثواب أو بغير الثواب، ليأتوا بحرف واحد عن هؤلاء أنهم فسروا هذه الآيات وأمثالها بما فسر به هؤلاء، فإذا لم يأتوا فيقال: إما أن يكون السلف الصالح وعلى رأسهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو إمام المتقين -عليه الصلاة والسلام- إما أن يكونوا على جهل بمعاني هذه العقيدة العظيمة، وإما أن يكونوا على علم، ولكن كتموا الحق وكلا الأمرين لا يمكن أن يوصف به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أحد من خلفائه الراشدين ولا من صحابته المرضيين، فإذا كان ذلك لا يمكن في هؤلاء وجب أن نسير على هديهم.
وإن نصيحتي لهؤلاء أن يتقوا الله -عزّ وجلّ-، وأن يدعوا قول فلان وفلان، وأن يرجعوا إلى كتاب الله تعالى وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسنة الخلفاء الراشدين من بعده، وأن يعلموا أن لهم مرجعًا يرجعون إلى الله تعالى فيه، ولا يمكن أن يكون لهم حجة فيما قال فلان وفلان، والله إنهم لن يغنوا عنهم من الله شيئًا، إن الله تعالى يقول: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾ [القصص: 65]، ولم يقل: (ويوم يناديهم فيقول: ماذا أجبتم فلان وفلان) وإن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه العظيم: ﴿فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾[الأعراف: 158]، فأمر بالإيمان به واتباعه وإذا كان كذلك فهل يمكن أن يكون الإنسان مؤمنًا بالله ورسوله تمام الإيمان ثم يعدل عن سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- في عقيدته بربه، ويحرف ما وصف الله به نفسه في كتابه أو وصفه به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمجرد وهميات يدعونها عقليات؟
إنني أنصحهم أن يرجعوا إلى الله -عزّ وجلّ- وأن يدعوا كل قول، لقول الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- فإنهم إن ماتوا على ذلك ماتوا على خير وحق وإن خالفوا ذلك فهم على خطر عظيم، ولن يغنوا عنهم من الله شيئًا، قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾[النحل: 111].
أكرر النصيحة لكل مؤمن أن يرجع إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فيما يعتقده بربه ومعبوده -جل وعلا- وفيما يعتقده في الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، وفيما كان عليه أئمة المسلمين الذين قادوا الناس بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، دون التحكيم إلى العقول التي هي وهميات في الحقيقة فيما يتعلق بالله تعالى وأسمائه وصفاته.
ولقد أجاد شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حق الإجادة في قوله عن أهل الكلام: (إنهم أوتوا فهمًا ولم يؤتوا علومًا، وأوتوا ذكاء ولم يؤتوا زكاء) فعلى الإنسان أن يوسع مداركه في العلوم المبنية على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأن يزكي نفسه باتباع كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
أسأل الله تعالى أن يتوفانا جميعًا على الإيمان، وأن نلقاه وهو راضٍ عنا إنه على كل شيء قدير، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أملاه محمد الصالح العثيمين.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(26/263)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟