الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

نصيحة لطلاب العلم في استغلال الفرص المتوفرة في هذا الزمان

الجواب
من نعم الله -عزّ وجلّ- أن هيَّأ لطلبة العلم فُرص عظيمة لم تتهيأ لمن كان قبلهم، فقد كان السابقون يتحمَّلون المشاق في طلب العلم، ويتعرضون للأخطار والجوع والعطش وغير ذلك في سبيل طلب العلم، فالكتب لا يجدونها إلا بعد جهد شاق، أو يستنسخونه بأيديهم وبأقلامهم، ولو بلغ عدة مجلدات، ثم إنه فيما مضى لا يستطيع طالب العلم مقابلة العلماء والأخذ عنهم إلا بعد التعب والعنت والسفر إليهم في أي بلد ذكروا لهم فيه.
أما طلبة العلم في هذه الأوقات فالحمد لله كل شيء وفر لهم، فقد بُنيت لهم المدارس والجامعات، ووفرت لهم الكتب، وصرفت لهم المكافآت التي تعينهم على قضاء حوائجهم، وجلب لهم المدرسون بدل ما كان أسلافهم يسافرون إلى المدرسين، فالآن المدرسون
يقدمون إليهم، ويحضرون عندهم من غير تعب ولا مشقة، فبدل أن يذهبوا إليهم هم يأتون إليهم في دور العلم.
فليتأمل طلبة العلم هذه النعمة وليشكروا الله عليها؛ لأن البلاد الراقية كما يسمونها لا تتوافر فيها هذه الفرص، بل إنهم ينفقون على أولادهم من الأموال في سبيل تعليمهم النفقات الطائلة، وأكثرهم لا يستطيعون الإنفاق على أولاًدهم وبناتهم.
أما طلبة العلم في هذه البلاد- والحمد لله- فإنه لا يطلب منهم إلا الحضور، فكل شيء ميسر بتوفيق الله تعالى، فهذه فرصة عظيمة فليغتنمها طلبة العلم، فإن الفرص لا تدوم، وليشتغلوا بما يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالنفع والصلاح؛ لأنهم مهيؤون لتحمل مسؤولية وأمانة، فالله -جل وعلا- يقول: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾[الأحزاب: 72]. فهي أمانة عظيمة، وأعظم الأمانات أمانة العلم الذي أنزله الله -سبحانه وتعالى- لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وهذا العلم لا يقوم هو بنفسه، إنما يقوم العلم برجاله وبحملته، فطلبة العلم تحملوا أمانة عظيمة يؤجرون عليها عظيم الأجر إذا هم قاموا بما يستطيعون منها، أما المسؤولية إذا قصروا فيها فسيتحملون المسؤولية أمام الله -عزّ وجلّ-.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(26/149)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟