الأحد 20 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

نصيحة لطالب العلم المبتدئ

الجواب
أنصح طالب العلم المبتدئ أن يلزم شيخاً معيناً ممن يثق بعلمه وأمانته، وألا يشتت ذهنه بين فلان وفلان؛ فما دام مقتنعًا بأن هذا الشيخ عنده من العلم والأمانة والثقة ما يعتمد عليه فليلزمه، وإذا قدر أنه لم يكن عند هذا الشيخ علم مما يحتاجه الطالب فليطلب شيخاً آخر يدرسه في هذا العلم فقط مثال ذلك مثلاً: لزمت شيخاً في علم العقيدة، أو في علم الفقه، لكن ليس عنده علم في النحو فتذهب إلى شيخ آخر لا تقرأ عنده علم العقيدة والفقه، بل اقرأ عنده علم النحو؛ لأنك ربما يتصادم قول هذا الشيخ والشيخ الآخر فيبقى الطالب في حيرة ويتشتت ذهنه.
النصيحة الثانية: أن يبدأ بصغار العلم قبل كباره فيبدأ بالكتب المختصرة الواضحة قبل أن يرتقي إلى الكتب التي فوقها؛ فإذا قدرنا أنه يريد القراءة في الفقه يقرأ الكتب المختصرة في الفقه كزاد المستنقع مثلاً، ولا يقرأ ما فوقه من الكتب الكبيرة؛ لأن ذلك يضيعه كالرجل الذي يتعلم السباحة هل يذهب إلى العميق من الماء؟
و لا بل يبدأ بالضحل شيئًا فشيئاً حتى يتعلم.
النصيحة الثالثة: أن يحرص على أن يطبق كل ما تعلمه، يطبق إذا علم أن الصلاة واجبة يصلي، علم أن بر الوالدين واجب يبر الوالدين، علم أن إلقاء السلام سنة يلقي السلام، علم أن معونة الإنسان في دابته يحمله عليها أو يعينه على حمل المتاع، علم أنه خير فيفعل؛ لأن الإنسان إذا طبق العلم ورّثه الله تعالى علم ما لم يكن يعلمه من قبل، ولا طريق أفضل في كسب العلم من العمل به واقرأ قول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾[محمد: 17] لما اهتدوا بالعلم زادهم الله علماً وزادهم تقى، آتاهم تقواهم، وهذه تعوز كثيرًا من طلاب العلم، كثيرًا من طلاب العلم أخذوا العلم نظريًا لا عمليًا فتجد عنده من قوة الحفظ والذاكرة والمجادلة والمناظرة شيئاً كثيراً لكنه في العمل مفرط وهذا خطر عظيم؛ لأن الإنسان إذا لم يعمل بالعلم فعلمه وبالٌ عليه لاشك، وربما يُنزّع منه كما قال تعالى: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾[المائدة: 13] ولهذا قيل: (العلم يهتف بالعمل فمان أجاب وإلا ارتحل) ويهتف بمعنى: ينادي العمل إن أجاب وإلا ارتحل العلم.
النصيحة الرابعة: أن يكون مكبًا على العلم لا يمل ولا يكل ولا يتعب، وإذا تعب استراح بقدر ما يعود إليه نشاطه؛ لأن ابن عباس-رضي الله عنهما- وهو الذي دعا له الرسول -عليه الصلاة والسلام- أن يفقهه الله في الدين، ويعلمه التأويل، كان يتابع الناس حتى قيل: إنه يأتي في القائلة، والذي يطلب منه العلم قد نام، فيتوسد رداءه وينام عند عتبة بابه ولا يوقظه فإذا استيقظ طلب منه الحديث فيقول له: ابن عم رسول الله (تبقى عند بابي) قال: (إني صاحب الحاجة، ولا أوقظك من منامك) وقيل له: (بما أدركت العلم) قال: (أدركت العلم بلسان سؤول، وقلب عقول، وبدن غير ملول) ويشهد لهذا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «تعاهدوا القرآن فو الذي نفسي بيده لهو أشد تفصيًا من الإبل في عقلها»، فالمثابرة مهمة لطالب العلم، وبعض الطلبة ينشط في أول الأمر ويتعب فذا به يتراجع فمن الأمور المهمة أن يكون الإنسان صبوراً في طلب العلم مثابراً عليه والله الموفق.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(26/144)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟