الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

نصيحة بوجوب التقيد بشرع الله في الأفراح

الجواب
لا ريب أن كثيرا من الناس لا يتقيد بالمشروع في الزواج ولا في غيره، والواجب على المسلمين أن يتقيدوا بشرع الله في الزواج، وفي غيره، أينما كانوا، في المملكة العربية السعودية أو في ليبيا، أو في المغرب الأقصى، أو في الجزائر، أو في تونس، أو في أي مكان، الواجب على أهل الإسلام التقيد بالأمر الشرعي، وأن يتواصوا بذلك، ويتعاونوا عليه، كما قال الله سبحانه: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾[المائدة: 2] وقال سبحانه: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾[العصر: 1-3] فلا بد من التواصي بالحق، ولا بد من التواصي بالصبر، في أمر الزواج وغيره، وفي جميع الأمور التي تقع بين المسلمين، فيتعاونون في إقامة الصلاة في الجماعة، وفي أداء الزكاة، وفي صيام رمضان، وحفظه عما حرم الله، وفي أداء الحج مع الاستطاعة، وفي بر الوالدين وفي صلة الأرحام، وفي ترك الغيبة والنميمة، وسائر المعاصي وفي ترك الكذب وشهادة الزور، وفي ترك ظلم الناس في الأموال والأعراض، والدماء إلى غير ذلك، والواجب على أهل الإسلام أينما كانوا، ذكورا كانوا أو إناثا أن يتقوا الله، وأن يتعاونوا على طاعة الله ورسوله، وأن يتعاونوا أيضا على ترك ما حرم الله ورسوله، وبذلك تحصل لهم السعادة والنجاة، في الدنيا والآخرة، ومن هذا أمر الزواج، يجب أن يكون الزواج على الطريقة الشرعية، ليس فيه تكلف ولا إسراف ولا تبذير، بل يجب القصد في كل شيء، وعدم التكلف، حتى يكثر الزواج، وحتى يحصل عفة النساء والرجال جميعا، فالشباب بحاجة إلى الزواج، والنساء كذلك في حاجة إلى الزواج، والتكلف هو تعاطي ما حرم الله من المنكرات، كل هذا مما يسبب تعطيل النكاح وبقاء الشباب والفتيات من دون زواج، فلا يجوز اختلاط الرجال بالنساء في الأعراس، ولا في غيرها، بل يجب أن يكون النساء في محل خاص على حدة والرجال على حدة، وأن تكون الوليمة مقتصدة ليس فيها تكلف، ولا شيء يشق على الزوجة وأهل الزوجة، بل يتحرون جميعا الاقتصاد، وما يكفي المدعوين، ويقتصدون أيضا بالدعوة التي لا تشق عليهم، وهكذا يشرع لهم الاقتصاد في المهور، وعدم التكلف وأن يسهلوا بالمهور حتى يحصل النكاح، وحتى يكثر الزواج بين الناس، ومن ذلك أيضا مسألة الطرب فلا بأس أن تتعاطى النساء الدف، يعني الطار المعروف، وهو ذو الوجه الواحد، يضربه النساء بينهن بصفة خاصة، وفي محل خاص، ليس فيه اختلاط الرجال، ولا مانع من الأغاني العادية التي ليس فيها محذور شرعا، التي بين النساء في مدح الزوج أو الزوجة، أو أهل الزوج أو أهل الزوجة ونحو ذلك، كما كان يفعل في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم- ، وعهد أصحابه وكان نساء النبي يحضرن الأعراس، ويحضرن الغناء العادي، والاحتفال العادي، كل هذا لا بأس به، أما وجود المطربات والأصوات العالية بالمكبرات، التي تشغل الناس وتؤذي الجيران والمارة، ويعلن فيها الأغاني المحرمة، هذا لا يجوز، وهكذا السهر الذي يضيع على الناس صلاة الفجر، ويسبب ترك الصلاة التي أوجب الله، هذا كله لا يجوز، وهكذا إيجاد آلات الملاهي من العود وأشباهه، من آلات اللهو والطبول، كل هذا لا يجوز، إنما يباح الطار المعروف وهو الدف فقط للنساء، بشرط أن يكون خاليا ليس فيه ما يسبب الفتنة، من حلقات مزعجة أو أشياء مزعجة، بل الدف العادي وهو الطار العادي، المعروف، تضربه المرأة وتغني الأغاني القليلة، المعتادة بينهن لنصف ساعة أو ساعة، ونحو ذلك ثم ينصرفن، المعتاد بينهن لنصف ساعة أو ساعة، ونحو ذلك ثم ينصرفن في أول الليل ولا يسهرن إلى آخر الليل، أو إلى معظم الليل؛ لأن هذا يضر الجميع، ويسبب النوم عن الصلاة من الجميع، فالحاصل أن الواجب على جميع المسلمين في كل مكان، أن يتحروا في زواجهم ما شرع الله، وأن يبتعدوا عما حرم الله، وأن يتواصوا بعدم التكلف، لا في المهور ولا في الولائم، ولا في دعوة الناس الكثيرين الذين يسببون المشكلات ولا في إيجاد المطربات عن طريق مكبرات الصوت، ولا إيجاد آلات الملاهي، غير مجرد الدف والأغاني العادية، في وقت مناسب من الليل، ينتهي من دون طول ومن دون مشقة، ومن دون السهر أكثر الليل أو كل الليل، هذا الواجب على المسلمين، وهذا المشروع لهم، وبهذا يتيسر للمسلمين تزويج شبابهم، وتزويج فتياتهم بالمهور المناسبة، والكلف المناسبة من دون مشقة ولا حرج، ولا التعاطي لما حرم الله، والواجب على ولاة الأمور في كل بلد، من الأمراء والحكام أن يعينوا الناس على الخير، وأن يمنعوهم من الشر، وأن يأخذوا على أيدي السفهاء حتى تصبح الأمور على الوجه الشرعي، هذا هو الواجب على أمير البلد، وقاضي البلد، وأعيان البلد، أن يتعاونوا بينهم في هذا الشيء، حتى يلزموا الناس بالخير، ويمنعوهم من الشر، ومتى أصلح الله الرؤساء تبعهم الناس، متى صلح الأمير والأعيان وتدخلت المحكمة والقضاة، حصل الخير الكثير، وانتهى الناس عما يضرهم، ومتى سكت هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء، زاد الشر، وكثر البلاء، وتعطل الشباب، وتعطلت الفتيات، وهذا شيء لا يرضاه الله ورسوله، ولا يرضاه أهل الإيمان والعلم، فنسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
السؤال: إذا لم يكن هناك سبيل إلى التغيير، الذي تفضلتم وبينتم ما يجب أن يكون عليه، هل يلزم المسلم أن يبحث عن زوجة في مكان آخر وفي بلد آخر، يتوفر فيه ذلك الجو؟
نعم، ليس من اللازم أن يتزوج من بلده، لا مانع من أن ينتقل إلى بلد آخر، بشرط العناية بالمرأة الصالحة، البعيدة عما حرم الله، وعن أسباب الفتنة، يتحرى ويسأل عنها، فإذا وجدها حرص عليها، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : «تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها ثم قال: فاظفر بذات الدين تربت يداك» الزوج يسعى إلى ذات الدين، فيحرص عليها وإذا حصل مع جمال أو حسب أو مال، فذلك خير إلى خير، لكن لا يكون أكبر همته، وأعظم قصده الجمال، فربما أطغاها الجمال، وربما أفسدها عليه الجمال، ولكن يحرص أولا على كونها ذات دين، ثم يبحث بعد ذلك عما يريد من جمال، أو حسب أو غير ذلك، فإذا انضم هذا إلى هذا، فخير إلى خير، وإذا قدم ذات الدين وإن قل جمالها، وإن قل مالها وإن عدم حسبها، فالمرأة بنفسها ودينها لا بحسبها وجمالها.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(21/75-81)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟