الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 10-09-2023

متى يقول المؤذن : الصلاة خير من النوم ؟

الجواب

هي في الأذانِ الأَوَّلِ كما جاءَ في الحديثِ: (إِذَا أَذَنْتَ أَذَانَ الصُّبْحِ الأَوَّلِ، فَقُلِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ) فهي فِي الْأَذَانِ الأَوَّلِ لَا فِي الأَذَانِ الثَّانِي، ولكن يجب أن نَعْرِفَ ما هُوَ الأذانُ الأَوَّلُ في هَذَا الحَديثِ، هُوَ الأذان الَّذِي يَكونُ بعد دخول الوقت، والأذانُ الثَّانِي هي الإقامة؛ لأن الإقامةَ تُسَمَّى أَذَانًا، قال النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ) والمراد: الأذان والإقامة، وفي صحيح البخاري: أنَّ أمِيرَ المؤمِنِينَ عُثمانَ بْنَ عَفَّانٍ -رضي اللهُ عَنْهُ- زادَ الأذانَ الثَّالِثَ في الجُمْعَةِ، فالجمعة الآن فيها ثَلاثَةُ أَذَانَاتِ.

إذن الأذان الأوّلُ الَّذِي أُمِرَ فيه بِلال أَنْ يَقُولَ: "الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ" هُوَ الأذانُ لصلاةِ الفَجْرِ، أَمَّا الأذانُ الَّذِي قبلَ طُلوعِ الفَجْرِ فليس أذانًا للفَجْرِ، وانتبه حتَّى لَا يَلْتَبِسَ عليكَ الأمْرُ، فالناس يُسَمُّونَ الأذانَ الَّذِي فِي آخِرِ الليلِ الأَذانَ الأوّل لصلاةِ الفَجْرِ، والحقيقة أنه لَيْسَ لصلاةِ الفَجْرِ، والذي قال: إِنَّهُ لَيْسَ لصلاةِ الفَجْرِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلِ؛ لِيُوقِظَ نَائِمَكُمْ، ويُرْجِعَ قَائِمَكُمْ)يعني: حتَّى يقوم النائمُ ويَتَسَخَّرَ، والقائمُ يَرْجِعُ ويَتَسَحْرُ .

ودليلٌ آخَرُ: قالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لمالِك بنِ حُوَيْرِثٍ: (إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ) وإنما تَحْضُرُ الصَّلاةُ بعد الوقتِ.

فالأذانُ الَّذِي قبلَ طُلوع الفجرِ لَيْسَ أذانًا للفَجْرِ.

وعليه، فعَمَلُ الناس اليوم وقولُهم: "الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوم" في الأَذَانِ الَّذِي للفَجْرِ، هَذَا هُوَ الصَّوابُ، وأما مَن تَوَهَّمَ أن المُرَادَ بالأذانِ الأَوَّلِ في الحديثِ هُوَ الأذانُ الَّذِي قبل طلوعِ الفَجْرِ، فليس له حَظِّ مِن النَّظَرِ.

قال بعضُ الناسِ: الدَّلِيلُ أن المراد به الأذانُ الَّذِي يَكونُ فِي آخِرِ الليلِ لأجلِ صلاة النافلة، أنه يقال: "الصَّلاةُ خيرٌ مِنَ النَّومِ" وكلمة (خير) تدلُّ عَلَى الْأَفْضَلِ.

فنقول: إن كَلِمَةَ (خَيْر) تكون في الشيء الواجِبِ الَّذِي هُوَ مِن أَوْجَبِ الواجباتِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُكُمْ عَلَى بِجَرَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الصف: ٩-١٠] مع أنه إيمانٌ، وقالَ تعَالَى في صَلاةِ الجُمُعَةِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا البَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [الجمعة: 9] فالخَيْرِيَّةُ تكونُ في الواجب وتكونُ في المسْتَحَب.

وخلاصة الجواب: أن قول: "الصَّلاةُ خيرٌ مِنَ النَّومِ" إنما يُسْرَعُ فِي أَذَانِ الفَجْرِ، وهو أذانٌ أَوَّلُ بالنسبة للإقامة.

المصدر:

[دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين للشيخ ابن عثيمين (13/93-95)].


هل انتفعت بهذه الإجابة؟