السبت 19 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 25-03-2020

متى تجوز العمليات الانتحارية ؟

الجواب
هذا الذي وضع على نفسه هذا اللِّباس الذي يقتل، أول من يقتل نفس الرجل، لاشكَّ أنه هو الذي تَسبَّبَ لقتل نفسه، ولا يجوز مثل هذه الحال إلا إذا كان في ذلك مصلحةٌ كبيرة للإسلام، لا لقتل أفرادٍ من الناس لا يمثِّلون الرؤساء ولا يمثلون القادة لليهود، أما لو كان هناك نفعٌ عظيم للإسلام لكان ذلك جائزًا.
وقد نصَّ شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله - على ذلك، وضرب لهذا مثلاً بقصة الغلام المؤمن الذي كان في أُمَّة يَحكُمُها رجل مشرك كافر، فأراد أن يقتله هذا الحاكم الشرك الكافر، فحاول عدَّة مرات:
مرة يلقي هذا الغلام من أعلى الجبل.
ومرَّة يلقيه في البحر، ولكنه كلما فعل ما يُهلِكُ به هذا الغلام نجا، فتعجب الملك الحاكم، فقال له الغلام يومًا من الأيام: أتريد أن تقتلني ؟ قال: نعم، وما فعلتُ هذا إلا لقتلك، قال: اجمع الناسَ كلَّهم، ثم خذ سهمًا من كِنَانتي واجعله في القوس، ثم ارمني به، ولكن قل بِاسمِ رب هذا الغلام، باسم رب هذا الغلام، وكانوا إذا أرادوا أن يُسَمُّوا سمَّوا باسم الملك، لكن قال: قل: باسم رب هذا الغلام، فجمع الناس ثم أخذ سهمًا من كِنانته ووضعها في القوس وقال: باسمِ رب هذا الغلام، وأطلق القوسَ فضربه فهلك، فصاح الناس كلهم الرب رب الغلام، الرب رب الغلاموأنكروا رُبوبيَّة هذا الحاكم المشرك، أنكروه لأنَّهم قالوا: هذا الرجل مشرك، فالحاكم فعل كل ما يمكن أن يهلك به هذا الغلام ولم يَهلِكْ ولما جاءت كلمة واحدة:
باسم رب هذا الغلام، هلك. إذن مدبِّر الكون هو هذا الرب، يقول شيخ الإسلام: هذا حصل فيه نفعٌ كبير للإسلام، وإلا من المعلوم أن هذا الغلام تسبب بقتل نفسه لا شك، لكنَّه حصل فيه نفع كبير، آمنت أمَّة كاملة. فإذا حصل مثلُ هذا فيقول الإنسان أنا أفدي ديني بنفسي ولا يهمُّني، أما مجرد أن يقتل عشرة أو عشرين أو ثلاثين، ثم ربما تأخذ اليهود بالثأر فتقتل مئات، ولولا ما يحاولون اليوم من عقد الصُّلح والسَّلام كما يقولون، لرأيتَ فِعالهم في الانتقام من الفلسطينيين بهذه الفَعْلة التي فعلها هذا الرجل.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(25/354- 356)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟