الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

ما هو الضابط في تحليل وتحريم أكل الحيوانات؟

الجواب
الحقيقة أن قوله أن الكتاب والسنة لم يبينا ذلك، هذا غلط منه وإنما الصواب أنه لم يتبين له ذلك من الكتاب والسنة، أما الكتاب والسنة، فإن الله بين فيهما كل شيء فالقرآن كما قال الله عنه: ﴿تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾[النحل: 89]، والإيمان بالسنة وتنفيذ أحكامها من الإيمان بالقرآن فهي متممة ومكملة ومفصلة لما أجمل ومفسره لما أبهم وفي القرآن والسنة الشفاء والنور والهداية والاستقامة لمن تمسك بهما ولا يوجد مسألة من المسائل التي تحدث إلا وفي القرآن والسنة بيانها لكن منها ما هو مبين على سبيل التعيين ومنها ما هو مبين على سبيل القواعد والضوابط العامة ثم إن الناس يختلفون في هذا اختلافاً عظيماً يختلفون في العلم ويختلفون في الفهم كما يختلفون أيضًا في إدراكهم لما في القرآن والسنة بحسب ما معهم من الإيمان والتقوى، فإنه كلما قل الإيمان بالله -عزّ وجلّ- وقبول ما جاء في القرآن والسنة قلّ العلم بما في القرآن والسنة من الأحكام.
وإني أقول من على هذا المنبر: إن القرآن والسنة فيهما العلم والهدى والنور وفيهما حل جميع المشاكل وأن نظامهما ومنهاجهما أكمل نظام وأنفعه وأصلحه للعباد وأنه يغلط غلطاً بيناً من يرجع إلى النظم والقوانين الوضعية البشرية التي تخطئ كثيرا وإذا وفق في الصواب فإنها تكون صواباً لما وافق فيه الكتاب والسنة وأقول لهذا الأخ: إن هناك ضوابطًا لما يحرم من الحيوانات فأقول الأصل في كل ما خلق الله تعالى في هذه الأرض أنه حلال لنا من حيوان وجماد؛ لقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً﴾[البقرة: 29]، فهذا عام خلقه لنا لمنافعنا أكلاً وشرباً ولباساً وانتفاعاً على الحدود التي حدها الله ورسوله هذه قاعدة عامة جامعة مأخوذة من الكتاب وكذلك من السنة حيث قال رسول الله-عليه الصلاة والسلام-: «وما سكت عنه فهو عفو».
وعلى هذا فلننظر الآن في المحرمات، فمنها: الميتة؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ﴾[البقرة: 173].
ومنها: الدم المسفوح؛ لقوله تعالى: ﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً﴾[الأنعام: 145].
ومنها: لحم الخنزير؛ لقوله تعالى: ﴿أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ﴾[الأنعام: 145] وإنما حرمت هذه الثلاثة لأنها رجس، فإن قوله: (فَإِنَّهُ) أي هذا المحرم الذي وجده الرسول -عليه الصلاة والسلام- رجسٌ وليس الضمير عائداً إلى لحم الخنزير فقط كما قاله بعض أهل العلم؛ لأن الاستثناء ﴿إِلاَّ أَنْ يَكُونَ﴾، أي: ذلك المطعوم: ﴿مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ﴾[الأنعام: 145] أي ذلك المطعوم من الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير رجس ومنها الحمر الأهلية ثبت ذلك في الصحيحين عن النبي-صلى الله عليه وسلم-: «أنه أمر أبا طلحة فنادى إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس».
ومنها: كل ذي ناب من السباع يعني كل ما له ناب من السباع يفترس به مثل الذئب والكلب ونحوها فإنه محرم ومنها كل ذي مخلب من الطير كالصقر والعقاب والبازي وما أشبه ذلك.
ومنها: ما تولد من المأكول وغيره كالبغال فإن البغل متولد من الحمار إذا نزى على أنثى الخيل والخيل مباحة والحمر محرمة فلما تولد من المأكول وغيره غلب جانب التحريم فكان حراماً وهذه المسائل موجودة والحمد لله في السنة مفصلة وكذلك في كلام أهل العلم فالأمر بين وإذا أشكل عليك الأمر فارجع إلى القاعدة الأساسية التي ذكرناها من قبل وهو أن الأصل الحل؛ لقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً﴾[البقرة:29].
وأما الشَّبه: فهذا لجأ إليه بعض أهل العلم، وقال: إنه إذا لم نعلم حكم هذا الحيوان هل هو محرم أم لا؟ فإننا نلحقه حكما بما أشبهه ولكن ظاهر الأدلة يدل على أن المحرم معلوم بنوعه أو بالضوابط التي أشرنا إليها كما حرمه النبي-عليه الصلاة والسلام-: «كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير».
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟