الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

ما هو الدليل على جواز الصدقة عن الميت ؟ وهل الصلاة والصوم وقراءة القرآن والتسبيح . . يصل ثوابها إلى الميت ؟

الجواب
الصدقة عن الميت جائزة؛ لأن سعد بن عبادة - رضي الله عنه- سأل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أيتصدق عن أمه بمخراف له في المدينة فأذن له النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ولأن رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن أمه افتلتت نفسها فماتت ولم تتكلم قال: وأظنها لو تكلمت لتصدقت أفأتصدق عنها قال: «نعم» فدل هذا على أن الصدقة للميت جائزة وأن الميت ينتفع بها وكذلك ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أن من مات وعليه صيام فرض رمضان أو نذر أو كفارة فإن وليه يصوم عنه يعني إذا شاء وكذلك الحج عن الميت حج الفريضة بنذر أو بأصل الشرع فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- سألته امرأة أن أمها نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت فقال: «حجي عنها» واختلف العلماء -رحمهم الله- فيما عدا ما جاءت به السنة من الأعمال الصالحة هل يهدى إلى الميت وهل ينتفع الميت به ؟ على قولين: والصحيح أنه جائز، جائز أن يهدي إلى الميت التهليل و التسبيح والتكبير وصدقة المال وغيرها من الأعمال الصالحة لكن الأفضل عدم ذلك يعني الأفضل أن لا يتصدق وأن لا يهلل للميت وأن لا يسبح للميت لأنه لو كان الأفضل ذلك لأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم- وحث عليه أمته حتى يقوموا به ولم يكن من عادة السلف أنهم يفعلون هذا على الوجه الذي يفعله الناس اليوم حتى إن بعضهم ربما يجعل أكثر النوافل التي يقوم بها لأمواته من أم أو أب أو عم أو خال أو ما أشبه ذلك وعلى هذا فخلاصة الجواب أن الدعاء للميت أفضل من الصدقة والتهليل والصلاة والصيام والعمرة والحج ودليل هذا أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية - يعني هو نفسه يفعلها - أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له» ولم يتعرض إلى العمل ما قال أو ولد صالح يتصدق عنه أو يصوم عنه أو يصلى عنه أو يحج عنه أو يعتمر عنه قال «أو ولد صالح يدعو له» فيكون الدعاء للميت أفضل من الصدقة عنه لكن لو تصدق فهو جائز ويصل إلى الميت وينتفع به بإذن الله.
يقول السائل بالنسبة للأضحية عن الميت ما حكمها يا فضيلة الشيخ وما الأفضل للميت؟
الشيخ: الأفضل أن يهدي للميت ما أرشد إليه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حيث قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له» فتأمل قوله «يدعو له» حيث عدل عن العمل إلى الدعاء فهو يقول في أول الحديث: «انقطع عمله إلا من ثلاثة» فعدل عن العمل إلى الدعاء وهو دليلٌ واضحٌ أن الدعاء للميت أفضل من العمل له لأننا نعلم علم اليقين كما نعلم بضوء الشمس في رابعة النهار إذا لم يكن فيها سحاب أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يعدل إلى المفضول دون الفاضل لم يقل أو ولد صالح يضحي له ولم يقل أو ولد صالح يتصدق عنه ولم يقل أو ولد صالح يصلى له ركعتين ولم يقل أو ولد صالح يقرأ له ختمة ولم يقل أو ولد صالح يعتمر له ولم يقل أو ولد صالح يحج له كل هذا لم يقله فلماذا عدل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن ذكر العمل إلى ذكر الدعاء لأن إهداء الأعمال ليس بمشروع وإن كان جائزاً يعني بمعنى أننا لا نأمر الناس أن يهدوا الأعمال إلى موتاهم؛ لأن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يأمر به، أعمالنا لنا نحن في حاجةٍ إليها وسيأتينا اليوم الذي نتمنى أن في أعمالنا زيادة حسنة ونحن إذا أهدينا أعمالنا إلى الأموات فليس لنا فيها أجر يعني ليس لنا فيها أجر العمل لأن العمل تخلينا عنه إلى المهدى له وإنما فيها أجر الإحسان إلى هذا الرجل الذي أهدينا له العمل ثم إننا نقول للأخ الذي يريد أن يهدي لوالده أو أمه أو ما شابه ذلك ادعُ لهما اللهم اغفر لوالدي اللهم اسكنهما فسيح جنتك وما أشبه ذلك إذا حصل هذا صار أفضل من آلاف الركعات والذي أشير به على إخواننا أن يحرصوا على الدعاء لأمواتهم وأن يجعلوا الأعمال الصالحة لأنفسهم أما مسألة الأضحية عن الميت فإلى ساعتي هذه لا أعلم أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ضحى عن أحدٍ من الأموات ولا أعلم ذلك عن الصحابة ومن المعلوم أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ماتت زوجته خديجة وهي من أحب النساء إليه ومات له ثلاثة بنات زينب ورقية وأم كلثوم واستشهد عمه حمزة بن عبد المطلب ولم يضحِّ عن واحدٍ منهم غاية ما هنالك أنه ضحى بأضحية وقال اللهم هذا عن محمد وآل محمد ولم نعلم ماذا قصد بقوله آل محمد هل أراد كل قرابة الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وزوجاته أو أراد آل محمد الأحياء الذين في البيت ولهذا قال بعض أهل العلم إن الأضحية عن الميت ليست مشروعة وأن ثوابها يرجع للمضحي وليس للميت وقالوا إن الصدقة بقيمة الأضحية أفضل من الأضحية لأن الصدقة عن الميت ثبتت بها السنة كما استأذن سعد بن عبادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يجعل مخرافه في المدينة لأمه المخراف نخل يخرف وأتاه رجل أي أتى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وقال يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت أفأتصدق عنها قال «نعم» ولم يستأذنه أحدٌ في الأضحية وخير من أن يضحي عن الميت استقلالاً أن يضحي عنه وعن أهل بيته وينوي بقوله قرابته الأموات والأحياء.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟