الأحد 20 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

كيف نفسر اختلاف قول الإمام أحمد رحمه الله في المسألة الواحدة؟

الجواب
بيان ذلك أن العلماء الكبار المجتهدين قد تختلف اجتهاداتهم من آنٍ إلى آخر بحسب ما يبلغهم من العلم، والإنسان بشر وطاقةٌ محدودة، قد يكون عنده في هذا الوقت علمٌ ثم يتبين له أن الأمر بخلافه في وقتٍ آخر إما بسبب البحث ومراجعة الكتب وإما بالمناقشة، فإن الإنسان قد يركن إلى قولٍ من الأقوال ولا يظن أن هناك معارضاً له، ثم بالمناقشة معه يتبين له أن الصواب في خلافه فيرجع. والحاصل أن الإمام أحمد إذا روي عنده في مسألةٍ أقوال متعددة فإن معنى ذلك أنه -رحمه الله- يطلع في القول الثاني على أمرٍ لم يطلع عليه في الأمر الأول فيقول به، ثم هل نقول: إن هذه الآراء باقية؟ أو نقول: إن آخرها نسخ أولها. نقول: إن هذه الآراء باقية؛ وذلك لأن هذه الآراء صادرةٌ عن اجتهاد، والاجتهاد لا ينقل باجتهادٍ مثله، فقد يكون الصواب في قوله الأول مثلاً، فتبقى هذه الأقوال اللهم إلا إذا صرح برجوعه عن القول الأول مثل قوله -رحمه الله-: كنت أقول بطلاق السكران حتى تبينته، فتبينت أنني إذا قلت بوقوع الطلاق أتيت خصلتين: حرمتها على زوجها الأول، وأحللتها إلى زوجٍ آخر، وإذا قلتبعدم الطلاق أتيت خصلةً واحدة أحللتها للزوج الأول. فهذا صريحٌ في أنه رجع عن القول الأول، فيؤخذ بالقول الثاني. أما إذا لم يصرح، فإن القولين كليهما ينسبان إليه، ولا يكون الثاني ناسخاً، وربما يقال: أنه إذا أيد القول الثاني بنص واستدل له، فإنه يعتبر رجوعاً عن القول الأول؛ لأن النص واجب الاتباع، فإذا قيل بهذا فله وجه، وحينئذٍ يكون قوله الثاني هو مذهبه، والله أعلم.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟