الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 18-12-2022

كيف نُفرِّق بين الرّياء والتحدُّث بنعمة الله ؟

الجواب

هذا سؤالٌ مهمٌّ، تلتبسُ فيه النيات، ولعلّ الله سبحانه وتعالى أن يفتح علينا ببيانه.
الرِّياء أن يعمل الإنسانُ الطاعة من أجل أن يمدحه الناسُ عليها، بقطع النظر عن كونها مقربة إلى الله أو غير مقربة، فهو لا يقصد إلا أن يمدحه الناس بأنه من العُبَّاد، وهذا عمله حابطٌ والعياذُ بالله؛ وذلك لأن الرياء من الشرك الأصغر، وأنه أراد بعبادته غير الله، وقد يكون من الشرك الأكبر -نسأل الله العافية- لكنّ الغالب أنه من الشرك الأصغر، وعمل المُرائي حابطٌ، ولا بُدَّ أن يكشف الله أمره، كما جاء في الحديث: «من راءى راءى اللهُ به، ومن سمَّع سمَّع الله به».

القسم الثاني: من يعمل العبادة لله، ولا يبالي أطَّلع الناسُ عليها أم لم يطلعوا، لكنه يتحدث بها من أجلِ أن يتأسى به الناس، أو يظهرها من أجل أن يتأسَّى به الناس، فهذا مثابٌ مأجورٌ؛ لأنه قصد بذلك دعوة الخلق إلى الحقِّ، وأظهره من أجل أن يتأسوا به، فهذا مثابٌ مأجور على إظهار العبادة، سواء كان ذلك في إظهارها حتى يراها الناسُ أو في الإخبار عنها.

مثال ذلك: أن يدعُوَه شخص إلى الغداء في يوم الخميس، فيقول: أنا صائمٌ. قصده بذلك أن يُشجِّع الدَّاعي على صوم يوم الخميس، أو أن يُبيِّن مشروعية صوم يوم الخميس، فهذا حسن مثاب عليه.

القسم الثالث: أن يظهر العبادة بعد فعلها، أي: أن يخبر الناس بها تحدُّثًا بنعمة الله فيقول: كنت منحرفًا عن الطريق، كنت على جانب من الإهمال، فمنَّ اللهُ علي واستقمتُ والتزمت. فهذا من باب التحدث بنعمة الله عزَّ وجلّ.

وقد جرى ذلك من الصحابة رضي الله عنهم كما في حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه كان يتحدَّث عن نفسه بأنه كان يُبغض النبي صلى الله عليه وسلم بغضًا شديدًا حتى إنه ليتمنَّى أن يتمكَّن منه فيقتله، ولمَّا منَّ اللهُ عليه بالإسلام قال: كنتُ أغض بصري؛ هيبة منه وتعظيمًا له، أن ينظر إليه عليه الصلاة والسلام.

المصدر:

[سؤال على الهاتف، للشيخ ابن عثيمين 1/21]


هل انتفعت بهذه الإجابة؟