الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

طلق زوجته بقوله: (طلقتك طلقتك طلقتك) في حال الغضب الشديد فهل تبين منه؟

السؤال
أنا شاب متزوج منذ سبع سنوات بقريبة لي، وقبل تاريخ هذه الرسالة بسنة حدث بيني وبين زوجتي شجار عنيف جدًّا، دام أكثر من ثلاثة شهور، وبعدها أصبحت تطلق عليَّ الشتائم الكثيرة، والكلام السيئ، وأنا أعاملها معاملة حسنة؛ لأني شاب مؤمن أعمل بما يرضي الله ورسوله، وزاد الأمر حدّة، وهي كل يوم تزيد النار حطبًا والطين بلّة، فأجبرتني على أن أُطلق عليها كلامًا طلقتك طلقتك طلقتك، أي أكثر من مرة، مرات عديدة، وعندما أطلقت هذا الكلام كنت في حالة غضب شديد، وغياب عقل، أطلقت هذا الكلام بُغية أن تكف عن أقاويلها البذيئة المرعبة للبدن، وهي تزيد في ذلك، وأنا أكرر عليها ألفاظ مطلقة مطلقة مطلقة، وأخيرًا لم يُجدِ المراء نفعًا، فأرسلت إلى والدها وأخذها إلى بيته وظلّت عنده أكثر من سنة، وأنا لا أوافق أهلي على إرجاعها، بسبب أخلاقها الشرسة وأقاويلها المرعبة الكاذبة، وأخيرًا أرادوا تزويجها بشخص فلم تقبل بالزواج من أي إنسان، وقالت لأهلها: إذا أردتم تزوجي سأشرب سمًّا وأموت، أو أحرق نفسي بالنار، وأخلص من هذه الحياة، وأثناء هذا الحجر الطويل كانت تريد أن ترجع لي، ولكنني كنت لا أقبل بها زوجة أبدًا بسبب معاملتها القاسية إلى آخره، فأقنعني أهلها بتزويجها إلي خشية أن تقتل نفسها، فأجبرت على قبولها وصار لها عندي خمسة أيام وأنا لا أقرب منها خشية الإثم والحرام، ووجدت أن أخلاقها صارت بعد هذا الحجر حسنة، تعطيني حقوقي كاملة وتحترمني وتكفر عما بدر منها من أقاويل، وما هو الحل أخبروني بالله عليكم سريعًا، و هل وقع طلاق ولم تعد تحل لي، ألا يوجد فتوى لهذه المشكلة؟ أفيدوني وفقكم الله.
الجواب
إذا كان الطلاق المذكور وقع منك حال شدة الغضب وغيبة الشعور وأنك لم تملك نفسك ولم تضبط أعصابك بسبب كلامها السيئ وسبها لك، وشتائمها ونحو ذلك، وأنك أطلقت هذا الكلام في حال شدة الغضب، وغيبة الشعور، وهي معترفة بذلك، أو لديك من يعرف ذلك من الشهود العدول، فإنه لا يقع الطلاق؛ لأن الأدلة الشرعية قد دلّت على أن شدة الغضب وإذا كان معه تغير الشعور كان أعظم فلا يقع به الطلاق، ومن ذلك ما روى أحمد وأبو داود وابن ماجه، وصححه الحاكم عن عائشة -رضي الله عنها- ، أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «لا طلاق ولا عتاق في إغلاق» قال جماعة من أهل العلم: الإغلاق ذلك هو الغضب، يعنون الغضب الشديد، فالغضبان قد أُغلق عليه أمره، وقد أُغلق عليه قصده فهو شبيه بالمعتوه، والمجنون والسكران، إذا صار في شدة الغضب فلا يقع طلاقه، وإذا كان مع ذلك تغيّر الشعور، وأنه لم يحفظ ما صدر منه بسبب شدة الغضب، فإنه لا يقع الطلاق، والغضبان له ثلاث حالات: حالة يتغيّر معها الشعور، فهذا يلحق بالمجانين، ولا يقع طلاقه عند الجميع، عند جميع أهل العلم.
الحال الثاني: أن يكون اشتدّ به الغضب، ولكن لم يفقد شعوره، بل عنده شيء من الإحساس، وشيء من العقل، ولكن اشتد به الغضب حتى ألجأه إلى الطلاق، فهذا لا يقع طلاقه على الصحيح أيضًا.
والحال الثالث: أن يكون غضبه عاديًّا، ليس بالشديد جدًّا، بل عاديًّا كسائر الغضب، الذي يقع بين الناس ليس بالشديد وليس بالملجئ، فهذا يقع معه الطلاق عند الجميع، والسائل حاله إما من الوسط، أو من الشديد الذي قد تغير معه الشعور، حسب ما ذكر في سؤاله فيكون طلاقًا غير واقع وزوجته معه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، نسأل الله للجميع الهداية والصلاح وحسن العاقبة
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(22/138- 141)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟