الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

ضابط جواز النيابة في الحج والعمرة

الجواب
توسع الناس في الاستنابة في الحج أمر يؤسف له في الواقع، وقد يكون غير صحيح شرعاً، وذلك لأن الاستنابة في النفل في جوازها روايتان عن الإمام أحمد - رحمه الله - رواية: أن الإنسان لا يجوز أن ينيب عنه أحداً في النفل ليحج عنه أو يعتمر عنه، سواء كان مريضاً، أو صحيحاً، وما أجدر هذه الرواية بالصحة والقوة، لأن العبادات يطلب من المكلف أن يقوم بها بنفسه، حتى يحصل له من العبادة والتذلل لله ما يحصل، وأنت ترى الفرق بين الإنسان يحج بنفسه، وإنسان يعطي دراهم ليحج عنه. الثاني ليس له فضل من العبادة في إصلاح قلبه وتذللا لله عز وجل، وكأنه عقد صفقة بيع، وكَّل فيها من يشترى له أو يبيع له، وإذا كان مريضاً وأراد أن يستنيب في النفل، فيقال: هذا لم تأتِ به السنة، وإنما جاءت السنة في الاستنابة في الفرض فقط، والفرق بين الفرض والنفل أن الفرض أمر لازم على الإنسان، فإذا لم يستطعه وكَّل من يحج عنه ويعتمر، لكن النفل ليس بواجب، فيقال: ما دمت مريضاً وأديت الفريضة فاحمد الله على ذلك، وأبذل المال الذي تريد أن تعطيه من يحج عنك أو يعتمر، في مصارف أخرى، أعن إنساناً فقيراً لم يحج الفرض بهذا المال، فهو خير لك من أن تقول: خذ هذا حج عني، ولو كنت مريضاً. أما الفرض فالناس والحمد لله لم يتهاونوا فيه، لا تكاد تجد أحداً يوكل عنه من يحج فريضة إلا وهو غير قادر، وهذا جاءت به السنة، كما في حديث ابن عباس- رضي الله عنهما - أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده بالحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: «نعم» .
والخلاصة أن الاستنابة في النفل فيها روايتان عن الإمام أحمد: إحداهما أنها لا تصح الاستنابة. والرواية الثانية: أنها تصح الاستنابة من القادر وغير القادر. والأقرب للصواب بلا شك عندي أن الاستنابة في النفل لا تصح لا للعاجز ولا للقادر. وأما الفريضة للعاجز الذي لا يرجو زوال عجزه فقد جاءت بها السنة.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(21/140)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟