الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 08-09-2023

زوجها لا يصلي ولها أولاد وليس لها عائل فماذا تفعل ؟

الجواب

إِذَا كَانَ الزَّوجُ لَا يُصلي معَ الجماعةِ فهُو فَاسِقٌ، والزَّوجةُ تَحِلُّ له، وإذا كانَ الزَّوجُ لَا يُصلي أبدًا، ونَصحَتْه زَوجتُه، ولكنه أصرَّ عَلَى عَدمِ الصَّلاةِ، فإنهُ كافرٌ كُفْرًا مُخْرِجًا عنِ المِلَّةِ، ومُرتد -والعِياذُ بالله-، وَلَا تَحلُّ لَهُ أَبَدًا، وَلَا يَجوزُ أَن تبقَى معهُ، ويَجبُ عَليهَا الامتناعُ منه، وأن تذهبَ إلى أهلِها بأَولادِها، ولَيسَ لزوجِهاحضانةٌ عَلَى أولادِه، ولا وِلاية؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ١٤١].

فإِذَا كَانَ الكَافِرُ هَذَا حالُه في الآخِرةِ، فهو كذلك في الدُّنيا، لَا يُمكنُ أَنْ يَكُونَ الكَافِرُ وليًّا عَلَى مُسلمٍ أبدًا، وإذَا ذَهَبَتْ إلى أهلِها فالحصانةُ تكون لها، ولا حَقَّ لهذا الرَّجُلِ المرتَد عنِ الإسلامِ في حضانةِ أولادِه، وقد قَالَ العُلماءُ بِالحَرفِ الوَاحِدِ، كَما في مَتن زَادِ المستَقْنع: "ولا حَضَانةَ لِكافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ".

ولكن إِذَا قَالَ قائلٌ: مَا دَواءُ هذِهِ العِلَّةِ؟ نَقولُ له: دَواءُ هَذِهِ العِلَّةِ سَهلٌ، فَكُلُّ ما عَلى هَذَا الرجُلِ أَنْ يُسلِمَ، ويَدخُلَ فِي الدِّينِ الذِي خَرجَ مِنهُ، فَيُصَلِّي، فَإِذَا صَلَّى عادَ الأمرُ كما هو، وعادتِ المسائلُ إلى مَجاريها، هَذَا هُوَ الحلُّ، فإِنْ أَبَى فالحلُّ الفِراقُ.

ودَليلُ تكفيرِ تارِكِ الصَّلاةِ موجُودٌ في كتابِ الله، وسُنةِ رَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وكَلامِ الصحابة -رضي الله عنهم-، والنظرِ الصَّحيحِ، فالأدلةُ سمعيةٌ وعَقليةٌ.

أما الكِتابُ: فقدْ قَالَ الله تَعَالَى عَن المشركينَ: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾ [التوبة: ١١] يعني: فإن لم يَتوبُوا مِنَ الشَّرك، ويُقيمُوا الصَّلَاةَ، ويُؤْتُوا الزَّكاةَ، فَليسوا إخوَانًا لنا في الدينِ.

ومِنَ المعلُومِ أَن الأُخُوَّةَ في الدِّين لَا تَنتَفِي إلا بالكُفرِ، ولا تَنتفِي بالمعاصِي، وإن عَظُمتْ، فقَتَلُ المؤمِن عَمدًا مِن أعظمِ الذنوبِ، ولَيسَ بِكُفْرٍ، قَالَ اللهُ تَعَالَى فيه في القِصاصِ: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْء﴾ [البقرة:۱۷۸] فجعل القاتل أخًا للمقتُول.

وكَذلك قِتَالُ المؤمِنِينَ أَيضًا مِن أَعظمِ الذُّنوبِ، قَالَ اللَّهُ فِيهِ: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ [الحجرات: ٩] إلى قوله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾ [الحجرات: ١٠].

ولو كَانَ تركُ الصَّلاةِ مَعصيةَ كَبيرةً فقط لم تَنتفِ الأُخوةُ الإيمانيةُ به.

وعَلى هَذَا، فَتركُ الصَّلاةِ مُخْرجٌ عنِ المِلَّةِ بمُقتضَى هذِه الآيةِ الكريمة.

فإِذَا قَالَ قائلٌ: هذه الآيةُ الكَريمةُ أيضًا فيهَا أَنَّ الأُخوَّةَ أيضًا تَنتَفِي بعدَم إيتَاءِ الزَّكاةِ، فَهَلْ تَقولُ: إِنَّ تَرْكَ الزكاةِ كُفْرٌ؟

ونُجيبُه قائلينَ: نَعم، أَقولُ بذلكَ، لَولا وُجودُ حَدِيثٍ يَمنعُ هَذَا القولَ، وهُو ما رَواهُ مسلمٌ عَن أبي هُريرةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأَحْميَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ العِبَادِ، فَيُرَى سَبِيلَهُ: إِمَّا إِلَى الجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ).

ومِنَ المعلُومِ أنهُ إِذا كَانَ كافرًا فلا يُمكنُ له أَنْ يَرى سَبِيلًا إلى الجنةِ.

المصدر:

[دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين للشيخ ابن عثيمين (13/17-19)].


هل انتفعت بهذه الإجابة؟