الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

خطاب من الشيخ ابن باز لجلالة الملك فيصل بشأن نقض فتوى الشيخ من بعض القضاة

الجواب
وبناء على ذلك أفتيتهما بأنه قد وقع عليها بالطلاق الأخير طلقة واحدة، تضاف إلى الطلقة السابقة، ويبقى له طلقة، وذلك في خطاب صدر مني إلى الشيخ المذكور برقم(514) وتاريخ 29\3\1390 هـ ، وقد عمل الزوجان بالفتوى المذكورة، ومكثت المرأة مع زوجها المذكور أكثر من سنة، ثم ترافعا بعد ذلك إلى المحكمة الكبرى بمكة؛ لشيء حصل بينهما، فحكم بينهما مساعد المحكمة الشيخ م. ع. بنقض الفتوى الصادرة مني، والتفريق بينهما؛ اعتمادا على أن التطليق بالثلاث بكلمة واحدة يعتبر طلاقا ماضيا محرما لها على زوجها، ومن المعلوم أن الفتوى باعتبار الثلاث واحدة، إذا كانت وقعت بلفظ واحد، موافقة لما ثبت في صحيح الإمام مسلم - رحمه الله - من حديث ابن عباس -رضي الله عنمها- أن «الثلاث كانت تجعل واحدة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- ، وعهد أبي بكر -رضي الله عنه- ، وسنتين من خلافة عمر -رضي الله عنه- » ، ولما رواه الإمام أحمد - رحمه الله - في المسند بسند جيد، عن ابن عباس -رضي الله عنمها- : «أن أبا ركانة طلق امرأته ثلاثًا فردها عليه النبي - صلى الله عليه وسلم- وقال: " إنها واحدة» وهذا أمر مشهور عند العلماء، وقد أفتى به جمع من أهل العلم من الصحابة، فمن بعدهم، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه العلامة ابن القيم، وقد كنت أفتي بذلك من نحو ثلاثين عاما بعد التثبت في الواقع من الزوج والزوجة، ورغبتهما في الفتوى، ولا أعلم أن أحدا من القضاة نقض الفتوى، وقد كان شيخنا الشيخ محمد - رحمه الله - يرى إمضاء الثلاث، ومع ذلك لا أعلم أنه نقض شيئا من الفتاوى الصادرة مني في هذه المسألة، ومن المعلوم أن نقض الفتاوى يترتب عليه شر كثير، وفساد كبير، خاصة إذا كانت موافقة للشرع المطهر، وكنت عندما علمت بأمر نقض الفتوى المذكورة كتبت إلى فضيلة رئيس هيئة التمييز بمكة برقم(1778) وتاريخ 19\9\1390 هـ ، وشرحت له حقيقة الأمر، وأوضحت الأدلة الشرعية في ذلك، وطلبت من فضيلته دراسة الموضوع من فضيلته، وبقية الأعضاء، ثم إقناع الشيخ المذكور نقض حكمه أو تولي هيئة التمييز نقضه، إن رأت ذلك، فلم تبت في الموضوع بشيء، بل أحالت الأوراق للشيخ المذكور وإعادتها إلينا بخطابها رقم(3815) وتاريخ 24\10\1391 هـ المشفوع به إجابته المتضمنة الإفادة بإصراره على ما حكم به؛ ولكوني أعتقد، والحال ما ذكر، أن المرأة المذكورة باقية في عصمة زوجها المذكور، وأن الحكم الصادر من الشيخ المذكور بإنفاذ الطلاق، وإلغاء الفتوى التي قد عمل بها الزوجان، والتزما بها، مدة طويلة، ليس في محله؛ لذلك أرجو من جلالتكم التكرم بإحالة هذه القضية إلى هيئة القضاء العليا للنظر فيها. كما أرجو الأمر بإبلاغ أمارة مكة لتقوم بإبلاغ ولي المرأة المذكورة بعدم تزويجها حتى يتم النظر من الهيئة المذكورة في ذلك؛ لأنه قد وردني برقية من الزوج المذكور يفيد فيها أن زوجته يوشك أن تزف إلى غيره، وهي إلى جلالتكم برفقه، مع كامل المعاملة.
وأسأل الله أن يوفق الجميع لإصابة الحق في القول والعمل، إنه خير مسئول؛ ولبراءة من الذمة والنصح للمسلمين جرى تحريره. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز(21/419- 422)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟