الجواب
الظاهر أن هذا لا يعتبر طلاقاً؛ لأن المقصود به تأكيد هذا الخبر الذي أخبرت به وهو أنك لم تزد على ما قررته الحكومة فلا يكون حينئذ طلاقاً؛ لأن الطلاق إذا قصد به الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب كان له حكم اليمين على القول الراجح من أقوال أهل العلم.
وعلى هذا فامرأتك غير طالق منك بل هي زوجتك وإذا كنت مكرهاً على هذا اليمين فإنه لا أثم عليك أيضاً أما الكفارة فلا تجب؛ لأن كفارة اليمين من شروط وجوبها: أن تكون اليمين على أمر مستقبل، أما اليمين على أمر ماضٍ فليس فيها كفارة وإنما فيها الإثم إن كان الإنسان كاذباً عالماً بكذبه أو عدم الإثم إن كان الإنسان صادقاً أو حالفاً على ما يغلب على ظنه.
فضيلة الشيخ: غلاء المهور إلى هذا الحد أليس فيه تعسير أمور الزواج ونحو ذلك؟
الشيخ: لا شك أن غلاء المهور سبب لقلة الزواج والذي ينبغي إكثار الزواج حتى تكثر الأمة ويكثر نسلها ويحصل لها الخير ولهذا ينبغي للمسلمين عموماً أن يحرصوا على تقليل المهر مهما أمكن لأن في تكثير المهر مفاسد:
المفسدة الأولى أنه خلاف السنة فإن أهل العلم يقولون يسن في الصداق التخفيف.
ثانياً: أنه سبب لحرمان البركة لأن من بركة النكاح أن يكون يسير المؤونة.
ثالثاً: أن غلاء المهور سبب لإبقاء الزوجة أو للتمسك بالزوجة مع سوء العشرة لأن الرجل إذا علم أنه لن يجد زوجة إلا بمهر كثير وأنه قد سلم مهراً كثيراً لهذه الزوجة فإنه يتمسك بها وإن كانت العشرة بينهما سيئة وفي هذا من التعب النفسي والبدني ما هو ظاهر فلا يكاد يطلقها أبداً لكن لو كانت المهور يسيرة لكان الإنسان يمكن أن يطلق إذا لم يكن الاجتماع بين الزوجين. الأمر الرابع من مفاسد تكثير الصداق أنه إذا ساءت العشرة بينهما ولم يمكن البقاء فإنه هذا الزوج قد يطلب المخالعة بأن يردوا عليه ما أعطاهم ثم يكلفهم أي يكلف الزوجة وأهلها بعد ذلك مبالغ باهظة قد لا يستطيعون القيام بها هذه من مفاسد تكثير المهور والذي أحب من عامة المسلمين أن يقوموا به هو أن يحرصوا غاية الحرص على تقليل المهور وتكون البداءة بهذا الأمر من الكبراء والرؤساء وذوي الجاه والشرف حتى يتبعهم الناس في ذلك فإن الناس إذا رأوا أعيانهم وكبرائهم وشرفائهم قد قللوا من المهور تبعوهم في هذا ومثل هذه الأمور لا يكفي فيها القول أو الكتابة بل لا ينفع فيها نفعاً مؤثراً إلا إيجاد ذلك بالفعل فإذا تحدث الناس أن فلاناً دفع هذا المهر القليل وزوجوه وهو من الأعيان والشرفاء والوجهاء هان عليهم بعد ذلك أن يزوجوا بمهور قليلة.