الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حلف على زوجته بالطلاق عدة مرات وفعلته فماذا يلزمه؟

السؤال
حدثت لي حوالي خمس مشكلات مع زوجتي، منذ حوالي ثمان سنوات وعلى إثرها تركت البيت إلى بيت أبيها وطالت المدة وطلبتها من أهلها وأقاربها وذلك لحاجتي إليها ولعدم اتّساع المشكلات كلما طالت المدّة، وقد حان موعد عيد الفطر وكنت أريد أن تكون زوجتي في بيتها، وعلى أمل أن تعود، وعندما جاءني خبر بأنها لن تعود حلفت يمينًا وقلت: عليَّ الطلاق إذا لم ترجع قبل العيد أو قبل الشهر تكون مطلقة، واتصلت بعد اليمين بأهلها حتى تحضر قبل الميعاد، لكن والدها رفض ذلك ولم تحضر، وكذلك زوجتي لم تسمع بهذا إلا بعد تصالحنا وذهبت بعدها إلى أحد المشايخ؛ لرد اليمين ولم أتذكر بماذا أفتوني، هذه مرة، والمرة الأخرى حلفت يمينًا بالطلاق على زوجتي، قلت: عليَّ الطلاق إذا سلَّمت على فلان تكونين مطلقة، أُريد منعها من السلام على هذا الإنسان الذي لا أستريح له ولا سيما قد يجمعنا مكان واحد؛ لأنه قريب ولكنها سلَّمت عليه، وفي المرة الثالثة إثر خلاف أرادت الخروج من البيت وكنت أريد منعها من الخروج وتهديدها حتى لا تخرج، فيكون هناك مشكلات أكثر، فحلفت يمين طلاقٍ وقلت في نفسي اليمين: تكونين محرمة عليَّ مثل أمي وأختِي إذا خرجت من باب البيت، فرجوتها ألاّ تخرج من باب البيت ولكنها خرجت وسألت عن هذا أيضًا وقيل: أطعم ستين مسكينًا، وفعلت وقال: لك طلقة واحدة، وفي المرة الرابعة سمعت زوجتي تقول لأحد أبنائي: يا ابن الكلب، فحلفت يمينًا فقلت: عليَّ الطلاق لو قلت مرةً ثانية تكونين طالقة ولم أسمعها قالت شيئًا ولكنها قالت لي بعد هذا اليمين: أنا سهوت وقلت: يا أولاد الكلب لأولادي، علمًا بأنني حلفت هذه اليمين وهي لم تتطهر بعد من العادة الشهرية، وفي المرة الخامسة على إثر سوء تفاهم هددتها بالطلاق إذا لم تكفّ عن الصياح، ولكنها لم تكف مرة تلو المرة، زادت من صياحها فغضبت غضبًا شديدًا، وخرج الكلام بعد مقاومة مني له، مندفعًا بالغضب قلت: عليَّ الطلاق، أنت مطلقة في ذلك الوقت وتكونين محرمة عليَّ مثل أُمي وأُختي، وبعدها تيقّنت أني خسرت أولادي وزوجتي وأني من شدة الغضب لم أتذكر أني قلت لها: تكونين محرمة عليَّ مثل أمي وأختي، وأسأل هل بالغضب الشديد لا يقع الطلاق وما شدته وهل من الضرورة ألاّ أتذكر شيئًا مما قلته على الإطلاق وهل هذا اليمين يقع رغم أني قلته نتيجة لغضب شديد، فماذا ترون في هذه الحالات الخمس، أفيدوني بارك الله فيكم، هل بقيت لي فرصة للعيش مع زوجتي أم لا؟
الجواب
على كل حال ما ينبغي للسائل أن يتساهل في هذا الأمر ويكثر من الطلاق ويهدد بالطلاق، بل ينبغي له أن يحفظ لسانه، وهكذا كل مسلم ينبغي له ألاّ يتساهل في الطلاق، بل ينبغي أن يحفظ لسانه من الطلاق وأن يهدّد بغير الطلاق وينصح زوجته عند المخالفة فيما يرى من النصيحة، أمّا الطلاق فينبغي أن يكون بعيدًا؛ لأن هذا قد يضرّ في حاله مع زوجته، فينبغي له ألاّ يهدد بالطلاق، وألاّ يستعمله مهما أمكن، وأما ما وقع منه في هذه المسائل الخمس، فالطلاق الذي أراد به تهديدها ومنعها، وما أراد إيقاع الطلاق حين قال لها: إن جاء العيد وخرج الشهر فأنت طالق، إن كان أراد بهذا إيقاع الطلاق، وقع طلقة، وإن كان ما أراد بذلك إيقاع الطلاق، وإنما أراد منعها من البقاء عند أهلها حتى تأتي قبل العيد، وأراد بهذا تخويفها من مغبة هذه اليمين، فإنه لا يقع شيء، وعليه كفارة يمين، وهكذا منعها من السلام على شخص معيّن، إذا كان أراد منعها كما قال ولم يرد الطلاق، فإن الطلاق لا يقع، وعليه كفارة يمين عن سلامها عليه إذا كان أراد منعها من السلام ولم يرد إيقاع الطلاق، وهكذا منعها الخروج من البيت، إذا كان أراد عدم خروجها، وإنّما أراد تخويفها بالطلاق، حتى لا تخرج ثم خرجت، فعليه كفّارة يمين في هذا كله، أمّا إذا كان أراد إيقاع الطلاق، فإنه تقع طلقة، وهذا طلاق متعدّد، والمسألة تحتاج إلى عناية ونظر في موضوعه، فإن كانت الزوجة موجودة في الرياض، فنرى أن يحضر عندي هو وزوجته، حتى ننظر في أمرهما جميعًا بالتفصيل، وحتى تكون الفتوى على أمر واضح، والشيء الذي فعلته ناسية لا يقع به شيء، كلّمتْ من مَنَعها من تكليمه ناسية، فلا يقع شيء بذلك ولا عليه كفارة فيما إذا فعلت المحلوف عليه ناسية ساهية؛ لأن الله جل وعلا يقول: ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾[البقرة: 286] وهكذا إذا اشتدّ الغضب ولم يملك نفسه، وكان الغضب شديدًا؛ لأنها خالفته ونازعته شديدًا، وتكلّمتْ بكلام سبب شدة غضبه، وعدم استطاعته قهر نفسه، فإنه بهذه الحال لا يقع الطلاق، فإنه بهذه الحال يُشَبّهُ بمن لا عقل له، من شدة الغضب؛ لأنه لا يملك نفسه ولا يستطيع قهرها بسبب الغضب الشديد والنزاع الشديد، أو الكلام الخبيث الذي قالته حتى اشتد غضبه، فإنه لا يقع به الطلاق، وقولها: يا ابن الكلب أو يا بني الكلب، إذا كانت ساهية فإنه لا يقع شيء بذلك، ولا يلزم كفارة بذلك، فينبغي له أن يتوقف عن الطلاق، ويحذر هذا الاستعمال الذي قد يفضي به إلى فراق أهله ويسبب مشكلات عليه، ينبغي لك أيها السائل: أن تحذر مثل هذا، وإذا حضرت مع زوجتك عندي فهو يكون أولى حتى نسألها عما قلت، ونسألك عما قلت، وحتى يحضر معها وليها، كأخيها أو أبيها حتى ننهي الموضوع على طريقة واضحة، وبعد سؤالكما جميعًا والولي عن كل ما وقع، هذا يكون أحوط وأولى، وإذا كان في اليمن فعليه أن يتصل بالعلماء هناك هو وزوجته ووليها أحسن، حتى يفصّل له العلماء ما وقع فيه، يتصل ببعض العلماء هناك، أهل الفقه من القضاة ونحوهم، من أهل العلم أهل البصيرة فيخبرهم بكل ما وقع منه، حتى يكونوا على بيّنة وعلى بصيرة في فتواهم، وفيما يراه أهل العلم إن شاء الله البركة والخير، وقد بينَّا لك ما يلزم مما قد عرفنا من سؤالك. أمّا عن ظهاره، فعليه أن يكفر إذا كان يستطيع الصيام، يصوم شهرين متتابعين، وإن كان ما يستطيع الصّيام يطعم ستين مسكينًا، ويكون عليه طلقة إذا أراد إيقاع الطلاق، أما إذا كان يريد منعها وكفها من هذا الشيء، ولم يرد إيقاع الطلاق، إنما أراد تخويفها وتحذيرها وكفها عن ذلك عليه كفارة يمين مع كفارة الظهار.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(22/198- 203)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟