الجواب
لا ريب أن شرب الدخان محرم ومنكر ومضاره كثيرة، كما حقّق ذلك جمع من أهل العلم، وكل من تأمل حال المدخنين، وما ذكره أهل العلم، وأهل الطب وأهل التجارب في الدخان، عرف يقينًا مضرّة الدخان، وأنه من المحرمات، ومن المنكرات، التي يجب على كل من يتعاطاها أن يتركها، وأن يحذرها، وبيّن الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم أنه محرم وأنه منكر، لا بالنص عليه، ولكن ببيان ما أحلّ الله لعباده، وما حرّم عليهم، فإنه سبحانه قال: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾[المائدة: 4] فهو سبحانه بيّن أنه ما أحل إلاّ الطيبات لعباده، وليس هو من الطيبات، بل هو من الخبائث ومن المضرات، إذ الطيب ما نفعك وغذَّاك من دون مضرّة، أما هذا فهو ضار مؤذٍ بطبعه وآثاره السيئة ورائحته الخبيثة، ومضاره لا تحصى، وقال جل وعلا في وصف نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم- : ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾[الأعراف: 157] ولا شك أنه خبيث لمضاره الكثيرة، كما بيّن ذلك أهل العلم، وكما بين ذلك الأطباء، وبين ذلك كل من جرّب هذا الخبيث، فالواجب على كل مسلم أن يحذر هذا البلاء، وأن يكون عنده عزم صادق، وقوة على تركه، والحذر منه، لعل الله يسلّم من شره، أما السائل فإن عليه كفارة يمين عن طلاقه المرة الأولى والثانية؛ لأن هذا في حكم اليمين، ما دام قصده منع نفسه من شربه، وليس قصده فراق أهله، فإنه في حكم اليمين في أصح قولي العلماء كما أفتى بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه، وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليه في مثل هذا، فعلى السائل أن يكفّر كفارة يمين عن طلاقه الأول، وعن الطلاق الأخير، وكفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم لكل مسكين نصف صاع من التمر أو الحنطة أو الرز، يعني من قوت بلد الحالف المطلق، أو يكسوهم كسوة تجزئهم في الصلاة، كقميص لكل واحد أو إزار ورداء لكل واحد، هذه هي الكفارة فعلى هذا يكون عليه عشرة أصواع، خَمسة للأولى، الطلاق الأول وخمسة للطلاق الأخير، عشرة أصواع لعشرين مسكينا، كل مسكين يعطى نصف صاع من الأرز أو من التمر أو غيرها من قوت البلد نصفه عن الطلاق الأول، ونصفه عن الطلاق الأخير، ونسأل الله أن يثبتنا جميعًا على الحق، وأن يعيذنا والمسلمين جميعًا من نزغات الشيطان.