الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

حكم من يتخذ تلاوة القرآن مهنة يتكسب منها

الجواب
رأيي في هؤلاء أن عملهم هذا محرم وأن هذه الطريقة التي يتوصلون بها إلى اكتساب المال طريق غير مشروعة إذ إن كلام الله عز وجل إنما نزل ليتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى بتلاوته وفهم معانيه والعمل به فإذا حوله الإنسان إلى أن يصطاد به شيئاً من الدنيا فقد أخرجه عن مقتضاه وعما أراده الله عز وجل فيه ويكون كسبه بهذه الطريق كسباً محرماً يأثم به ويأثم به أيضاً كل من ساعده على ذلك وبذل له هذا العوض لأن مساعدته وبذل العوض له من باب معاونته على الإثم والعدوان وقد قال الله تعالى ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾[المائدة: 2] وليعلم أن هؤلاء المستأجرين الذين يستأجرون عند موت الأموات ليقرؤوا لهم بشيء من القرآن أو يقرؤوا لهم كل القرآن ليعلم أن هؤلاء ليس لهم أجر يصل إلى الميت لأن عملهم حابط مردود عليهم لقوله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[هود: 15 - 16]، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : «من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه» فهذا القارئ لم ينل من قراءته أجراً سوى ما أخذه من حطام الدنيا وما أخذه من حطام الدنيا لا يصل إلى الميت ولا ينتفع به الميت وعلى هذا فيكون في ذلك خسارة على أهل الميت خسارة دنيوية بإضاعة هذا المال الذي صرفوه إلى هذا القارئ المعطل في قراءته وخسارة أخروية لأنهم أعانوا هذا الآثم على إثمه فشاركوه في ذلك فعلى إخوتي المسلمين أن يتوبوا إلى الله عز وجل من هذه الأعمال وأن يسلكوا عند المصائب ما سلكه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأرشد أمته إليه من الصبر والتحمل وأن يقول الإنسان عند مصيبته إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها حتى يدخل في قوله تعالى: ﴿وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ﴾[البقرة: 155 - 157] ومن قال هذا بصدق ورجاء ثواب واحتساب من الله عز وجل فإنه يوشك أن يخلف الله عليه خيراً من مصيبته.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟