الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 06-09-2023

حكم من لا يصلي ويعمل أعمالا صالحة

الجواب

أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي لَا يُصَلِّي، ولكنَّهُ صاحِبُ خير يُحسِنُ إلى الناسِ، ويتَصَدَّقُ كثيرًا، ويَصِلُ رَحِمَهُ، وهو حَسَنُ الخُلق، في وجْهِه بَشَاشَةٌ وطلاقَةٌ، وانشراحُ صَدْرٍ، وإصغاءٌ للمُتكلّمِ، وخطابٌ ليّن، من أحسنِ الناسِ عِشْرَةً فالجوابُ: أنَّ جميعَ هَذِهِ الأعمالِ لَا تَنْفَعُهُ، لَا يُقبل منه صَدَقَةٌ، ولا صِيامٌ، ولا حَجٌ، ولا إحسانٌ، ولا طلاقهُ وجه، كل هَذَا لَا يَنْفَعُهُ عندَ اللهِ -عَزَّوَجَلَّ-، قالَ اللهُ تعَالَى:﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان:۲۳]، وقالَ اللهُ -عَزَّوَجَلَّ-: ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ﴾[التوبة: ٥٤] النَّفَقاتُ نفْعُها مُتَعَدٍّ، وَمَعَ ذلِكَ لم تُقبَل مِنْهُم؛ لأنهم كَفَرُوا بالله، فكلُّ كَافِرٍ مهْمَا عَمِلَ مِن الخيرِ، فإنَّه لا ينْفَعُه عِندَ اللهِ -عَزَّوَجَلَّ-.

ثم يجبُ -أيها الإخْوَةُ- أَن نَعْرِفَ الفَرْقَ بينَ المرتَدِّ وبين الكافِرِ الأَصْلِيَّ، الكافِرُ الأصْلِيُّ يمكنُ أن نَقْبَلَهُ عَلَى دِينِهِ، ولا نقولُ له شَيْئًا، لَكِنَّ المَرْتَدَّ نُطَالِبُهُ بِالرُّجوعِ إلى الإسلامِ فإنْ أَبَى وَجَبَ قتْلُه، ولا يجوزُ أَنْ يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ الأَرضِ، قالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ).

فالكافِرُ الأَصْلِيُّ قَدْ يكونُ له أحكامٌ، مِثلُ: حِلِّ الذَّبِيحَةِ، فاليهودُ والنَّصَارَى تَحِلُّ ذبائحُهُم، أَمَّا تارِكُ الصَّلاةِ فلا تَحِلُّ ذَبِيحَتُه، فلو ذَبَحَ وقال: بسم اللهِ، وأَنْهَرَ الدمَ، فَذَبِيحَتُه خَبيثَةٌ غيرُ حلالٍ، يجِبُ أن تُسْحَبَ للكلابِ؛ لأنه لَيْسَ بِمُسْلِمٍ.

كذلك أيضًا يجب أن نَعْلَمَ أنَّ أي إنسانٍ مَرْتَدٍّ لَا يمكنُ أَنْ يجوزَ نِكاحُه، بمَعْنى أنه لَوْ أَنَّ الزوْجَةَ هي الَّتِي لَا تُصَلِّي، وَهَذَا قَدْ يَقَعُ الأَكثرُ في الواقِعِ أَنَّ تَرْكَ الصَّلاةِ يقعُ من الرِّجَالِ، لكن أحيانًا يقعُ مِن النِّساءِ، فالزوْجَةُ التي لَا تُصَلِّي لَا يجوزُ عقدُ النكاحِ عليها أبداً؛ لأنَّها كافِرَةٌ مُرْتَدَّةٌ، فلا يجوزُ للمُسْلِمِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، قَالَ اللهُ تعَالَى:﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾[الممتحنة: ١٠]، فالكافِرَةُ لَا تَحِلُّ للمُسْلِمٍ، وكذلك المسلِمَةُ لَا تَحِلُّ للكافِرِ، إلا نساءَ أهلِ الكِتابِ، كما عَرَفْتُم أنه يجوز للمُسلِمِ أَنْ يَتَزَوَّجَ امرأَةً يَهُودِيَّةً أَو نَصْرانِيَّةً.

المصدر:

[دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين للشيخ ابن عثيمين (13/11-13)].


هل انتفعت بهذه الإجابة؟