الأحد 20 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 25-03-2020

حكم من كان ديدنه تجريح العلماء

الجواب
الذي أرى أن هذا عمل محرم، فإذا كان لا يجوز لإنسان أن يغتاب أخاه المؤمن، وإن لم يكن عالماً فكيف يسوغ له أن يغتاب إخوانه العلماء من المؤمنين ؟ والواجب على الإنسان المؤمن أن يكف لسانه عن الغيبة في إخوانه المؤمنين. قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾[الحجرات: 12].
وليعلم هذا الذي ابتلي بهذه البلوى أنه إذا جرح العالم فسيكون سببًا في رد ما يقوله هذا العالم من الحق، فيكون وبال رد الحق وإثمه على هذا الذي جرح العالم؛ لأن جرح العالم في الواقع ليس جرحًا شخصيًا بل هو جرح لإرث محمد - صلى الله عليه وسلم - .
فإن العلماء ورثة الأنبياء فإذا جرح العلماء وقدح فيهم لم يثق الناس بالعلم الذي عندهم وهو موروث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحينئذ لا يثقون بشيء من الشريعة التي يأتي بها هذا العالم الذي جرح.
ولست أقول: إن كل عالم معصوم، بل كل إنسان معرض للخطأ، وأنت إذا رأيت من عالم خطأ فيما تعتقده، فاتصل به وتفاهم معه، فإن تبين لك أن الحق معه وجب عليك اتباعه، وإن لم يتبين لك ولكن وجدت لقوله مساغًا وجما عليك الكف عنه، وإن لم تجد لقوله مساغًا فحذر من قوله؛ لأن الإقرار على الخطأ لا يجوز، لكن لا تجرحه وهو عالم معروف بحسن النية، ولو أردنا أن نجرح العلماء المعروفين بحسن النية لخطأ وقعوا فيه من مسائل الفقه، لجرحنا علماء كبارًا، ولكن الواجب هو ما ذكرت وإذا رأيت من عالم خطا فناقشه وتكلم معه، فإما أن يتبين لك أن الصواب معه فتتبعه أو يكون الصواب معك فيتبعك، أولا يتبين الأمر ويكون الخلاف بينكما من الخلاف السائغ، وحينئذ يجب عليك الكف عنه وليقل هو ما يقول، ولتقل أنت ما تقول.
والحمد لله، الخلاف ليس في هذا العصر فقط، الخلاف من عهد الصحابة إلى يومنا ، وأما إذا تبين الخطأ ولكنه أصر انتصارًا لقوله وجب عليك أن تبين الخطأ وتنفر منه، لكن لا على أساس القدح في هذا الرجل وإرادة الانتقام منه؛ لأن هذا الرجل قد يقول قولاً حقًا في غير ما جادلته فيه.
فالمهم أنني أحذر إخواني من هذا البلاء وهو تجريح العلماء والتنفير منهم، وأسال الله لي ولهم الشفاء من كل ما يعيبنا أو يضرنا في ديننا ودنيانا.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(26/305- 307)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟