الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم من طلق زوجته بقوله: (أنت طالق ثم طالق ثم طالق)

الجواب
الطلاق الأول فيه تفصيل، فإن كان في طهر جامعتها فيه، فالصحيح أنه لا يقع لما ثبت عن ابن عمر -رضي الله عنمها- ، أنه طلق امرأته وهي حائض، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم- : «راجعها» وبيّن له أن الطلاق الشرعيّ أن يطلقها في أول عدتها طاهرًا أو حاملاً؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾[الطلاق: 1] قال العلماء: معنى ذلك أن يطلقوهن طاهرات من غير جماع، فإذا كان الطلاق وقع في طهر لم يجامعها فيه، وكان الغضب ليس بشديد فقد وقع الطلاق، والرجعة لا محل لها، والذي أفتاه بذلك فقد أفتاه بغير صواب، أما إن كان الطلاق وقع في شدة غضب، بأن كان بينهما خصام شديد، حتى استحكم عليه الغضب، واشتد به الغضب، ولم يملك نفسه في ذلك، فإن الطلاق حينئذ لا يقع، ويكون السائل حينئذ قد أمسك زوجته، ولا يسمى رجعة، وإنما ردّها إليه، حيث إن الطلاق لم يقع، والخلاصة أنّ السائل مفروض على حالتين:
إحداهما: أن يكون طلق في طهر جامع فيه، هذا لا يقع على الصحيح، وإن كان الجمهور على خلاف ذلك، لكن هذا قول جماعة من السّلف أنه لا يقع؛ لحديث ابن عمر حيث إنه طلّق في غير العدّة فلا يقع، والحال الثاني: أن يكون طلّق في طهر لم يجامعها فيه، لكنه قد اشتد عليه الغضب، شدة واضحة، ليس غضبًا عاديًّا وغضبه شديد بأن طال النزاع بينهما، والمسابّة والمشاتمة حتى استحكم به الغضب، واشتدّ به الغضب، حتى عدم الشعور بسبب شدة الغضب، هذا لا يقع عليه أيضا على الصحيح؛ لأنّ شدة الغضب تجعل الإنسان كالمجنون وكالمعتوه، لا يميّز ما يضرّه وما ينفعه، ويكون كالمكره المدفوع بقوة، حتى أوقع الطلاق في هاتين الحالتين، الطلاق غير واقع، أمّا إن كان الغضب غير شديد، بل عاديًّا أو كان طلّقها في طهر لم يجامعها فيه، فإن الطلاق ماض، وعليه أن يفارقها ويبتعد عنها، والطلاق الأخير غير واقع؛ لأنه صادفها وهي غير زوجة، وإن كان قد وطئها فوطؤها ليس في محلّه، ويكون الطلاق الأخير صادفها في غير نكاح، فلا يقع وتكون قد بانت بالطلاق الأول، وعليه التّوبة إلى الله، عليك أيها السائل التوبة إلى الله، من عودك إيّاها، وجماعك إيّاها بعد الطلاق، هذا هو الجواب عن هذا السؤال، وأرجو أن السائل فهم، فإن السؤال هذا مهم، والجواب مهم، وأعيده مرّة أخرى، أيّها السائل لك حالان:
إحداهما: أن تكون طلقتها في طهر جامعتها فيه، وفي حالة ثانية وهي الغضب الشديد يشبه أن تكون فاقد الشّعور من شدة الغضب؛ بسبب أن يكون النزاع أو المضاربة أو المشاتمة، فالطّلاق في هاتين الحالتين غير واقع، وزوجتك معك، وينظر في الطّلاق الأخير، أمّا إن كنت طلّقتها في طهر لم تجامعها فيه، والغضب ليس بالشديد، فالطلاق قد وقع وهي غير زوجة لك، وعليك أن تسرّحها، والطلاق الأخير لا يقع إلا إن صادفها وهي زوجة لك، أما الطلاق الثاني إذا كان صادفها أنها زوجة، وأن الطلاق الأول لم يقع لشدة الغضب، أو لكون المرأة طلّقتْ في طهر جامعتها فيه، وللأمرين كأن طلقتها في طهر جامعتها فيه، مع شدة الغضب أيضًا، فإن هذا لا يقع، والطلاق الثاني يقع، فإن كنت طلّقتها طلقتين بألفاظ تدل على ذلك، بأن قلت: أنت طالق ثم طالق أو طالق وطالق، أو قلت: طالق طالق، وأردت تطليقتين فإنه تقع الطلقتان، أمّا إن قلت طالق طالق ولم تنو الطلقتين، أو قلت طالق طالق بلفظك؛ من غضب أو شبهه ولكن لم تنو الطلقتين، فإنّ الطلاق الثاني يكون مؤكدًا للطلاق الأول، ولا يقع إلا واحدة بأن قلت: أنت طالق طالق بدون واو وبدون ثم، وبدون شيء آخر طالق طالق، وبدون نية عند العلماء في حكم الطلقة الواحدة، ويكون اللفظ الثّاني مؤكدًا للفظ الأول، ولا يقع به طلاق ثان، أما إذا كنت قلت أنت طالق طالق، أو طالق ثم طالق، أو أنت طالق أنت طالق أو تراكِ طالق تراكِ طالق، ولا تنوي تأكيدًا في قولك: طالق طالق، ولم تنو إفهامًا لها، وهكذا لو قلت: طالق طالق، نويت الثنتين، فإن هذا يقع به الطلقتان: طالق طالق، طالق ثم طالق أنت طالق أنت طالق، تراكِ طالق، تراكِ طالق، يقع به الثنتان، إلا إذا كنت نويت بالثانية من قولك: طالق طالق، نويت به تأكيد الأوّل إفهامًا، وما نويت شيئًا بقولك: طالق طالق، فإنه لا يقع إلا واحدة، وهكذا إذا قلت: أنت طالق أنت طالق الطّلاق طالق، الطّلاق طالق نويت التأكيد بالثانية، أو الإفهام لم يقع إلا واحدة، وإلاّ فالأصل وقوع الثنتين.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(22/102- 106)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟